للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

فعرف العرش هنا بأنه سرير الملك.

التعريف الثالث: قال الشيخ في شرح مفردات سورة البروج:

"ذو العرش: أي صاحب الملك والسلطان والقدرة النافذة". (١)

١. والتعريف الذي ركز الشيخ عليه وكرره كثيرًا وهو أن العرش مركز تدبير الكون، لم أجده في كتب العقيدة التي اطلعت عليها، غير أنه بالرجوع إلى تفسير المنار الذي عودنا المراغي الاقتباس منه والتأثر بآرائه وجدتُ أن السيد رشيد رضا قد سبق صاحبنا بهذا التعبير، جاء ذلك في تفسير قوله تعالى: {فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إلا هُوَ عَلَيهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ (١٢٩)} [التوبة: ١٢٩] قال:

"الذي هو مركز تدبير أمور الخلق كلها، كما قال في الآية الثالثة من السورة التالية -يونس-: {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ} (٢).

وقد استدل المراغي بالآية نفسها (٣) تبعًا لما جاء في المنار.

ومدار هذا التفسير على اعتبار جملة (يدبر الأمر) حالًا من تفسير قوله تعالى: {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} والأقرب أن تجعل هذه الجملة: (يدبر الأمر) ابتدائية لأن تفسيرها على الحالية يوقع في محظور التجسيم الذي حذر منه المراغي وقد نص على كونها للابتداء الشيخ الآلوسي في تفسيره (٤)، وذكر صاحب الكشاف في إعرابها كلامًا يدل على ذلك (٥)، واختار الشيخ العكبري وجهًا أول من وجوه إعرابها.

٢. أما تعريف العرش بأنه سرير الملك، فقد نصّ شارح العقيدة الطحاوية عليه قال:

"والعرش في اللغة عبارة عن السرير الذي للملك" ثم قال عن عرش الرحمن: "فهو سرير ذو قوائم تحمله الملائكة". (٦)

٣. اعتبر شارح العقيدة الطحاوية تعريف العرش بأنه الملك والسلطان تحريفًا لكلام الله تعالى بقوله:

"وأما من حرّف كلام الله وجعل العرش عبارة عن الملك، كيف يصنع يقول تعالى: {وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ} [الحاقة: ١٧] , وقوله: {وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ} [هود: ٧] أيقول: ويحمل ملكه يومئذ ثمانية؟ وكان ملكه على الماء! ويكون موسى عليه آخذًا من قوائم الملك؟ هل يقول هذا عاقل يدري ما يقول؟ ! (٧).

وإذا اعتذر عن الشيخ في اضطراب رأيه في الاستواء بأنه يريد اطلاع العامة القراء على مزيد من آراء العلماء، فإن الاعتذار عن اضطراب منهجه في معنى العرش لا يجد له مكانًا هنا، إذ إن الشيخ أصرّ على اعتماد تعريف لم يقل به أحد


(١) المصدر نفسه (٣٠/ ١٠٤).
(٢) انظر تفسير المنار السيد محمد رشيد الرضا (١١/ ٧٣).
(٣) تفسير المراغي (١١/ ٥٦).
(٤) انظر روح المعاني للآلوسي (١١/ ٦٥).
(٥) انظر "الكشاف للزمخشري" (٢/ ١٨١).
(٦) انظر شرح العقيدة الطحاوية لابن أبي العز الحنفي تحقيق جماعة من العلماء ص (٢٧٨). ط ٨ (١٤٠٤ هـ - ١٩٨٤).
(٧) انظر شرح العقيدة الطحاوية ص (٢٧٩).