للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وهكذا فإنك تجد الشيح ينقل آراء العلماء المختلفة محاولًا أن يوزعها على الأماكن المختلفة حسب ورودها.

ولا يكفي في اعتبار مذهب السلف مذهبه، إيراده لرأيهم وترجيحه في موضع، مع نقل آراء غيرهم في مواضع أخرى دون التعقيب عليها.

٤. الوجه:

جاء في تفسير قوله تعالى: {وَمَا تُنْفِقُونَ إلا ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ} [البقرة: ٢٧٢] قوله: "وابتغاء وجه الله: طلب مرضاته". (١)

وفي تفسير قوله سبحانه {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ} [الكهف: ٢٨] قال: "وجهه أي رضاه وطاعته لأن من رضي عن شخص يقبل عليه، ومن غضب عليه يعرض عنه" (٢).

وفي قوله سبحانه {وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ} [الرحمن: ٢٧] فسّر الوجه بالذات (٣).

وفي سورة الليل فسّر ابتغاء وجه الله تعالى بأنه قصد رضاه سبحانه (٤).

وهكذا فقد أوّل الشيخ "الوجه بأنه التوجه والقصد، إلا في آية الرحمن فقد أوّله بالذات، كما سلف".

وقد نسب الإمام البيهقي لابن حزم قوله: "وجه الله تعالى إنما يراد به الله عَزَّ وَجَلَّ وهذا هو الحق الذي قام البرهان بصحته، ليطلان القول بالتجسيم" (٥).

وفيه تأييد لما ذهب إليه المراغي في سورة الرحمن.

٥. العين والبصر:

جاء في تفسير قوله تعالى: {وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا} [هود: ٣٧]: "والمراد بالأعين هنا: شدة الحفظ والحراسة" (٦).

وفي قوله تعالى: {تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا} [القمر: ١٤] , قال: "أي بمرأى منه، والمراد بحراستنا وحفظنا" (٧).

وعن صفة البصر، جاء في تفسير قوله تعالى: {إِنَّهُ بِكُلِّ شَيءٍ بَصِيرٌ} [الملك: ١٩]: "أي أنه سبحانه عليم بدقائق الأشياء وجليلها، فيعلم كيف يبدع خلقها على السنن التي هو عليم بفائدتها لعباده". (٨)

وقد سار في معنى (العين) على مذهب المؤولين لعدم احتمالها غير هذه المعاني، وقد أشار الإِمام البيهقي إلى تأويل العين بالحفظ والكلاءة كما هنا (٩).

كذلك في معنى (البصير) فقد أوّله المراغي بلازمه فكونه سبحانه بصيرًا يثبت له صفة العلم بدقائق الأمور وجليلها، وهو ما عبر عنه الإِمام الغزالي بقوله: (وإذا نزه عن ذلك -عن تشبيه بصره ببصر المخلوقات- كان البصر في حقه


(١) تفسير المراغي (٣/ ٤٧).
(٢) تفسير المراغي (١٥/ ١٤٠ - ١٤١).
(٣) تفسير المراغي (٢٧/ ١١٤).
(٤) المرجع السابق (٣٠/ ١٨٠).
(٥) الأسماء والصفات للبيهقي (ص ٣٨٣).
(٦) تفسير المراغي (١٢/ ٣٣).
(٧) المرجع السابق (٢٧/ ٨١).
(٨) تفسير المراغي (٢٩/ ١٨).
(٩) انظر الأسماء والصفات للبيهقي (ص ٣٦٩).