للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

عبارة عن الصفة التي ينكشف بها كمال نعوت المبصرات، وذلك أوضح وأجل مما تفهمه من إدراك البصر القاصر على ظواهر المرئيات) (١).

ولكن الإمام البيهقي يرفض تأويل البصر بالعلم، ويرى إثبات كونه سبحانه بصيرًا، له بصر، من غير إثبات جارحة (٢).

٦.العلم:

في قوله تعالى: {وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيهَا إلا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيهِ} [البقرة: ١٤٣] قال الشيخ:

"وعلم الله تعالى قديم لا يتجدد، ومن ثم قال العلماء: المراد بالعلم في مثل هذا علم الظهور والوقوع. ذلك أنه تعالى يعلم الأشياء قبل وقوعها أنها ستقع، ويعلمها بعد وقوعها أنها وقعت، ويترتب على ذلك الجزاء من ثواب وعقاب". (٣)

وجاء مثل هذا التفسير في قوله تعالى: {وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا} [آل عمران: ١٤٠] (٤)، وقد حكى الإِمام البيهقي رواية المزني عن الشافعي في قوله تعالى {وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيهَا إلا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ}، يقول: "إلا لنعلم أنه قد علمتم من يتبع الرسول، وعلم الله تعالى كان قبل اتباعهم وبعده سواء، وقال غيره: إلَّا لنعلم من يتبع الرسول بوقوع الاتباع منه كما علمناه قبل ذلك أنه يتبعه" (٥).

والتفسير الثاني عن الشافعي -رحمه الله-هو الذي أورده المراغي.

٧. الكلام: يقرر الشيخ أن صفة الكلام والتكليم ثابتة لله تعالى بصريح القرآن الكريم في آيات عدة لا تعارض بينها (٦)، ويميل إلى عدم الخوض في صفة تكليمه سبحانه لنبيه موسى عليه السلام.

ففي تفسير قوله سبحانه {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا} [النساء: ١٦٤] يقول: "وليس لنا أن نخوض في معرفة حقيقته -يعني التكليم- لأنا لم نكن من أهله، على أنا لا نعرف حقيقة كلام بعضنا بعضًا، وكيف تحمل ذرات الهواء الأصوات إلى الآذان، فضلًا عن أن نعرف حقيقة كلام الباري" (٧).

وهذا من الشيخ ميل إلى مذهب السلف.

قال صاحب الطحاوية: "وأن القرآن كلام الله منه بدأ بلا كيفية قولًا" (٨).

قال الشارح في الجملة: "أي ظهر منه ولا ندري كيفية تكلمه به" (٩).


(١) المقصد الأسنى في شرح أسماء الله الحسنى -الإمام أبو حامد الغزالي ص (٦٥) ضبطه وخرّج آياته الشيخ أحمد القباني ط. دار الكتب العلمية بيروت - لبنان.
(٢) انظر الأسماء والصفات (ص ٢٣٤).
(٣) تفسير المراغي (٢/ ٧).
(٤) المرجع السابق (٤/ ٨٠).
(٥) انظر الأسماء والصفات (ص ١٥٣).
(٦) تفسير المراغي (٩/ ٥٩).
(٧) المرجع السابق (٦/ ٢٢).
(٨) شرح العقيدة الطحاوية (ص ١٦٨).
(٩) انظر المصدر السابق (ص ١٧٠) والشارح هو العلامة صدر الدين محمد بن علاء الدين علي بن محمد بن أبي العز الحنفي الأذرعي الصالحين ولد بدمشق سنة (٧٣١ هـ) وتوفي سنة (٧٩٢ هـ) رحمه الله.