للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

في العمل بما يقرب إليه طلبًا للثواب فيما عنده فاتبعوني بامتثال ما نزل به الوحي منه إلى يرضى الله عنكم ويتجاوز عما فرط من الأعمال السيئة والاعتقادات الباطلة (١).

وقال عند قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ}.

قال وقد وصف الله تعالى هؤلاء المؤمنين بست صفات. إنه تعالى يحبهم وحبه تعالى وبغضه شأن من شؤونه لا نبحث عن كنهه ولا عن كيفيته (٢).

٩. صفة الرضا:

قال عند قوله تعالى: {إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ}.

{وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ} أي لا يحبه ولا يأمر به لأنه مانع من ارتقاء النفوس البشرية بحعلها ذليلة خاضعة للارباب المتعددة والمعبودات الحقيرة من الخشب، والنصب، وممن يأكل الطعام ويمشي في الأسواق (٣).

١٠. صفة العندية:

قال عند قوله تعالى: {بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ} أي بل هم أحياء في عالم آخر غير هذا العالم، هو خير للشهداء، لما فيه من الكرامة والشرف عند الله (٤).

وقال عند قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيُسَبِّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ}.

أي أن ملائكة الرحمن المقربين عنده لا يستكبرون عن عبادته، كما يستكبر عنها هؤلاء المشركون، وينزهونه عن كل ما يليق بعظمته وكبريائه وجلاله، وعن اتخاذ الند والشريك، كما يفعل الذين اتخذوا من دون الله ضفعاء وأندادًا يحبونهم كحبه، وله وحده يصلّون ويسجدون فلا يشركون معه أحدًا. فالواجب على كل مؤمن أن يجعل خواص الملائكة والمقربين إليه تعالى من حملة عرشه والحافين به أسوة حسنة له في صلاته وسجوده وسائر عبادته (٥).

١١. صفة اليد:

قال عند قوله تعالى: {وَقَالتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ} ثم ردّ سبحانه عليهم ما قالوه وأثبت لنفسه غاية الجود وسعة العطاء وأن كل ما في العالم من خير وهو سجل من ذلك فقال: {بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيفَ يَشَاءُ} أي هو الجواد المتصرف وفق حكمته وسننه في الاجتماع.

وتقتير الرزق على بعض العباد لا ينافي سعة الجود وسريانه في كل الوجود، فإن له سبحانه الإرادة والمشيئة في تفضيل بعض الناس على بعض في الرزق بحسب السنن التي أقام بها نظام الخلق وعبر عن سعة الجود ببسط اليدين لأن الجواد السخي إذا أراد أن يبالغ في العطاء جهد استطاعته يعطي بكلتا يديه كما قال الأعشى يمدح جوادًا:


(١) تفسير المراغي (٣/ ١٤٠).
(٢) نفس المصدر (٦/ ١٤٢).
(٣) نفس المصدر (٢٣/ ١٤٩).
(٤) نفس المصدر (٤/ ١٣٢).
(٥) تفسير المراغي (٩/ ١٥٧).