للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

التعليق:

كان على ابن كثير أن يثبت الصفة اللائقة بالله تبارك وتعالى، ثم يذكر لوازمها من الترك والاستنكاف وغيرهما".

٣ - صفة الاستواء: "وقد أعرب ابن كثير عن سلفيته في هذه الصفة عند قوله تعالى من سورة الأعراف: {إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} فقال: فللناس في هذا المقام مقالات كثيرة جدًّا، ليس هذا موضع بسطها، وإنما نسلك في هذا المقام مذهب السلف الصالح، مالك، والأوزاعي، والثوري، والليث بن سعد، والشافعي، وأحمد، وإسحاق بن راهويه وغيرهم من أئمة المسلمين قديمًا وحديثًا، وهو إمرارها كما جاءت من غير تكييف، ولا تشبيه، ولا تعطيل، والظاهر المتبادر إلى أذهان المشبهن، منفي عن الله فإن الله لا يشبهه شيء من خلقه، وليس كمثله شيء وهو السميع البصير، بل الأمر كما قال الأئمة، منهم نعيم بن حماد الخزاعي شيخ البخاري، قال: من شبه الله بخلقه كفر ومن جحد ما وصف الله به نفسه فقد كفر، وليس فيما وصف الله به نفسه ولا رسوله تشبيه، فمن أثبت لله تعالى ما وردت به الآيات الصريحة والأخبار الصحيحة، على الوجه الذي يليق بجلاله، ونفى عن الله تعالى النقائص فقد سلك سبيل الهدى.

وهذا الذي ذكره الحافظ ابن كثير، هو أعمدة القواعد السلفية في إثبات الصفات مع التنزيه وترك التشبيه والتعطيل، فلله دره ما أحسن تعبيره، وما أغزر علمه! ! وأدق فهمه) (١).

٤ - صفة الكلام: "أما ابن كثير فقد ذهب في مسألة الكلام مذهب السلف الصالح عند قوله تعالى: {وَلَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إلا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَال رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ}.

فقد حكى الأقوال في الآية فقال ما لفظه: {حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ}، وهذا أيضًا مقام رفيع في العظمة، وهو أنه تعالى إذا تكلم بالوحي فسمع أهل السموات كلامه، ارتعدوا من الهيبة، حتى يلحقهم مثل الغشي، قاله ابن مسعود - رضي الله عنه - ومسروق وغيرهما، ثم ذكر بقية الأقوال، ثم قال: وقد اختار ابن جرير القول الأول أن الضمير عائد على الملائكة، وهذا هو الحق الذي لا مرية فيه، لصحة الأحاديث فيه والآثار، ثم ذكر الأحاديث، منها حديث أبي هريرة، ومنها حديث ابن عباس ومنها حديث حديث النواس بن سمعان، قال ابن أبي حاتم: حدثنا محمّد بن عوف، وأحمد بن منصور بن يسار الرمادي، والسياق لمحمد بن عوف قال: حدثنا نعيم بن حماد حدثنا الوليد بن مسلم عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر عن عبد الله بن أبي زكريا، عن رجاء بن حيوة، عن النواس بن سمعان رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (إذا أراد الله تبارك وتعالى أن يوحي بأمره، تكلم بالوحي فإذا تكلم، أخذت السموات رجفة، -أو قال رعدة شديدة- من خوف الله تعالى، فإذا سمع بذلك أهل


(١) تفسير ابن كثير: (٢/ ٢٢٠).