للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

شريك للباري مع أن الجمع بين الوجود الذاتي وبين كونه صفة للغير، والصفة مفتقرة إلي الموصوف محال، وإن كانت ممكنة الوجود فلها علة موجدة، ومحال أن يكون هو الله تعالى لأنه قابل لها فلا يكون فاعلًا لها، لأن ذاته لو كانت كافية في تحصيل تلك الصفة فتكون ذاته بدون تلك الصفة كاملة في العلية وهو المطلوب، وإن لم تكن كافية لزم النقص المنافي لوجوب الوجود. حجة المثبتين أن إله العالم يجب أن يكون عالمًا قادرًا حيًّا، ثم إنا ندرك التفرقة بين قولنا: "ذات الله تعالى ذات" وبين قولنا: "ذاته عالم قادر" وذلك يدل علي المغايرة بين الذات وهذه الصفات. وإذا قلنا بإثبات الصفة الحقيقية فنقول: العلم صفة يلزمها كونها متعلقة بالمعلوم، والقدرة صفة يلزمها صحة تعلقها بإيجاد المقدور" إلي آخر كلامه.

وله كلام طويل حول أقسام الصفات الحقيقية والسلبية وغيرها ونذكر قوله أيضًا (١/ ٧١) حول العلم واشتراكه: "والحكمة تشارك العلم من حيث إنه إدراك حقائق الأشياء كما هي وتباينه بأنها أيضًا صدور الأشياء عنه كما ينبغي. واللطيف قد يراد به إيصال المنافع إلي الغير بطرق خفية عجيبة، والتحقيق أنه الذي ينفذ تصرفه في جميع الأشياء. ومنها ما يرجع إلي الكلام {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا} [النساء: ١٦٤] {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أن يُكَلِّمَهُ اللهُ إلَّا وَحْيًا) [الشوري: ٥١] {وَإذْ قَال رَبُّكَ) [البقرة: ٣٠] {مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ} [ق: ٣٠] {وَمَنْ أصْدَقُ مِنَ اللهِ قِيلًا} [النساء: ١٢٢] {إنَّمَا أمْرُهُ} [يس: ٨١] {إنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ} [النساء: ٥٨] {وَعْدَ اللهِ حَقًّا} [النساء: ١٢٢] {فَأَوْحَي إلَي عَبْدِهِ مَا أوْحَي} [النجم: ٩] {وَكَانَ اللهُ شَاكِرًا عَلِيمًا} [النساء: ١٤٧] {كَانَ سَعْيُكُم مَّشْكُورًا} [الدهر: ٢٢] وذلك أنه أثني علي عبده بمثل قوله {كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيلِ مَا يَهْجَعُونَ (١٧) وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} [الذاريات: ١٧، ١٨] وهذا صورة الشكر. ومنها ما يرجع إلي الإرادات {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ} [البقرة: ١٨٥] رضي الله عنهم أي صار مريدًا لأفعالهم {يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ} [المائدة: ٥٤] {وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ} [التوبة: ١٠٨] يريد إيصال الخير إليهم {كُلُّ ذَلِكَ كَانَ سَيِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهًا (٣٨)} [الإسراء: ٣٨]. الأشعرية: الكراهية عبارة عن إرادة عدم الفعل. المعتزلة: له صفة أخرى غير الإرادة. ومنها ما يرجع إلي السمع والبصر {إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى} [طه: ٤٦] {إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الإسراء: ١] {لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ} [الأنعام: ١٠٣] , وأما الصفات الإضافية مع السلبية فكالأول لأنه مركب من معنيين: أحدهما أنه سابق علي غيره، والثاني لا يسبق عليه غيرهن وكالآخر فإنه الذي يبقي بعد غيره ولا يبقي بعد غيرهن، وكالقيوم فإنه الذي يفتقر إليه غيره ولا يفتقر هو إلي غيره، والظاهر إضافة محضة وكذا الباطن، أي أنه ظاهر بحسب الدلائل باطن بحسب الماهية. وأما الاسم الدال علي مجموع الذات والصفات الحقيقية والإضافية والسلبية فالإله، ولا يجوز إطلاق هذا اللفظ في الإسلام علي غير الله وأما الله، فسيأتي أنه اسم علم. وقد بقي ها هنا أسماء يطلقها عليه تعالي أهل التشبيه ككونه متحيزًا أو حالًا في المتحيز استبعادًا منهم أنه كيف يكون موجود خاليًا عن كلا الوصفين وهو عند أهل التقديس