للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

الخلق كما لا تشبه ذاته ذوات الخلق.

قال الله سبحانه: {لَيسَ كَمِثْلِهِ شَيءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} وعلى هذا مضى سلف الأمة وعلماء السنة تلقوها جميعًا بالإيمان والقبول وتجنبوا فيها التمثيل والتأويل ووكلوا العلم فيها لله عزَّ وجلَّ كما أخبر الله سبحانه وتعالى عن الراسخين في العلم فقال عزَّ وجلَّ: {وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا} [آل عمران: ٧]، ثم ذكر أقوال السلف في إثبات الصفات لله تعالى (١).

وأما تفسيره فالغالب عليه في الصفات الإثبات، وقد أوّل في بعضها تبعًا للثعلبي وسكت عن البعض وأجمل في البعض كما هو مبين في صفاته التي أثبتها) أ. هـ.

قلت: هذا ما قاله المغراوي حول معتقد البغوي في الأسماء والصفات وما تميز به من النهج السلفي كما ضرب بذلك -المغراوي- الأمثلة السابقة من الحديث الشريف في كتاب البغوي "شرح السنة"، ونقلًا عن تفسيره أيضًا كما سنذكر ذلك نصًّا وبالله التوفيق.

ذكر المغراوي عدة صفات أورد البغوي تفسيرها وتأويل بعضها في تفسيره وتعليق المغراوي عليها، وهي كالآتي:

١ - صفة الرحمة: "قال عند قوله تعالى من سورة الفاتحة: {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} والرحمة إرادة الله الخير لأهله وقيل: هي ترك عقوبة من يستحقها، وإسداء الخير إلى من لا يستحقه، فهي على الأول صفة ذات، وعلى الثاني صفة فعل (٢).

التعليق:

وهذا هو التأويل المذموم، والصواب إثبات صفة الرحمة على ما يليق بالله تعالى، دون تأويل بإرادة الإحسان أو بالإحسان والإنعام".

٢ - صفة الغضب: "قال عند قوله تعالى: {غَيرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ} والغضب، هو إرادة الانتقام من العصاة، وغضب الله تعالى لا يلحق عصاة المؤمنين، إنما يلحق الكافرين (٣).

التعليق: وهذا هو التأويل المذموم، والصواب إثبات صفة الغضب على ما يليق بالله تعالى، دون تكييف أو تمثيل أو تحريف".

٣ - صفة الاستهزاء: "قال عند قوله تعالى: {اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ} أي يجازيهم جزاء استهزائهم سمي الجزاء باسمه، لأنه بمقابلته، كما قال الله تعالى: {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا} قال ابن عباس: هو أن يفتح له بابا من الجنة، فإذا انتهوا إليه سد عنهم وردوا إلى النار، وقيل: هو أن يضرب المؤمنين نور يمشون على الصراط، فإذا وصل المنافقون إليه، حيل بينهم وبين المؤمنين، كما قال الله تعالى: {وَحِيلَ بَينَهُمْ وَبَينَ مَا يَشْتَهُونَ} وقال الله تعالى: {فَضُرِبَ بَينَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ}.

وقال الحسن: معناه الله يظهر المؤمنين على


(١) شرح السنة (١٦٩ - ١٧٠ - ١٧١/ ١).
(٢) تفسير البغوي (١٨ - ١٩/ ١).
(٣) تفسير البغوي (٢٣/ ١).