قلت: ومما ذكر حول الإيمان هو التصديق، واعتبار العمل بالإسلام علامة كمال نقلًا عن أهل السنة والجماعة؛ هذا قول الأشعرية، ولعل سعيد حوى مال إليه لذكره إليه وجعله ضمن (الأخيار) حول هذه المسألة.
ثم نذكر بعض المواضع التي تكلم فيها صاحب الترجمة من صفات عنها ونقله من أئمة التفسير:
قال في الاستواء (٤/ ١٩١٤): "قال ابن كثير: (وأما قوله تعالى: {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} فللناس في هذا المقام مقالات كثيرة جدًّا ليس هذا موضع بسطها، وإنما نسلك في هذا المقام مذهب السلف الصالح، مالك والأوزاعي والثوري والليث ابن سعد والشافعي وأحمد وإسحاق بن راهويه وغيرهم من أئمة المسلمين قديمًا وحديثًا: وهو إمرارها كما جاءت من غير تكييف ولا تشبيه ولا تعطيل، والظاهر المتبادر إلى أذهان المشبهين منفي عن الله، فإن الله لا يشبهه شيء من خلقه {لَيسَ كَمِثْلِهِ شَيءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} بل الأمر كما قال الأئمة، منهم نعيم بن حماد الخزاعي شيخ البخاري، قال: من شبّه الله بخلقه كفر، ومن جحد ما وصف الله به نفسه فقد كفر، وليس فيما وصف الله به نفسه ولا رسوله تشبيه، فمن أثبت لله ما وردت به الآيات القديمة والأخبار الصحيحة على الوجه الذي يليق بجلال الله، ونفى عن الله تعالى النقائص فقد سلك سبيل الهدى".
وتكلم في مواضع (٥/ ٢٧٢٥) و (٧/ ٣٣٤٤) عن الاستواء وقال في العرش (٥/ ٢٤٢٤): {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ}: "قال ابن كثير: (والعرش أعظم المخلوقات وسقفها)، أقول: العرش مخلوق غيبي، يجب الإيمان به، ونمسك عن التفصيل في شأنه، إلا في الحدود التي فصلت فيها النصوص، والنص في سياقه يفيد أن من كانت السماوات والأرض خلقه، والعرش سلطانه، فكيف يستغرب أن يوحي إلى خلقه ليوجههم ويأمرهم وينهاهم".
قلت: ولكن هناك روايات أخرى تقول بأن القلم هو أول ما خلق الله تعالى قال ابن كثير في تفسيره لسورة القلم (٤/ ٤٠٢): "وأوردوا -أي الأئمة- في ذلك الأحاديث الواردة في ذكر القلم، فقال ابن أبي حاتم .. عن الوليد بن عبادة بن الصامت قال: دعساني أبي حين حضره الموت فقال: إني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول:(إن أول ما خلق الله تعالى القلم، فقال له: اكتب! قال: يا رب وما أكتب؟ قال: اكتب القدر وما هو كائن إلى الأبد) ".
قال ابن كثير:"وهذا الحديث قد رواه الإمام أحمد من طرق عن الوليد بن عبادة عن أبيه به، وأخرجه الترمذي من حديث أبي داود الطيالسي به، وقال: حسن صحيح غريب. ورواه أبو داود في كتابه السنة من سننه .. " أ. هـ. قول ابن كثير بتصرف.
وقال القرطبي في تفسيره لسورة القلم (٨/ ٢٢٥) بعدما ذكر بعض الروايات وقول ابن عباس - رضي الله عنه - وقتادة "قال غيره: فخلق الله القلم الأول فكتب ما يكون في الذكر ووضعه عنده فوق عرشه، ثم خلق القلم الثاني ليكتب به في الأرض" أ. هـ.