وزعَم أبو نُعَيْمٍ في "المُستخرج" أنَّه ذكَره عن ابن المُبارَك تَعليقًا، نعَمْ، وصلَه الدَّارَقُطْني من طريق نعيْم.
(النَّاسَ) خُصَّ من عُمومه أهلُ الجِزْية ونحوِهم بدليلٍ، كما سبَق بيانُه في (باب فإِنْ تابوا وأقاموا الصَّلاةَ)، في (كتاب الإيمان)، وسبق هناك مَباحث الحديث.
(لا إلَهَ إِلَّا الله) اكتَفَى بها عن: محمَّدٌ رسولُ الله، لاستِلزامها إِيَّاها عند التَّحقيق، أو هو شِعارٌ له، كما يُقال: قَرأتُ: {الم (١) ذَلِكَ الْكِتَابُ} [البقرة: ١ - ٢] , والمُرادُ كلُّ السُّورة، لا يُقال: فإِذَنْ لا يحتاج لما ذَكَر بعدُ؛ لأَنَّا نقول: ذُكِرَ للتَّصريح به وتأكيد أَمره، أو كَنَّى عنها بما ذَكَر من الصَّلاة والاستِقبال والذَّبْح؛ لأنَّها من خَواصِّ دينه، فإنَّ من يقول: لا إله إلا الله كاليَهود وبعضِ النَّصارى لا يُصلُّون برُكوعٍ، وقِبْلتُهم غيرُ الكعبة.
(وصَلَّوا) إلى آخره، خُصَّت بالذِّكر من بين سائرِ الأركان، وواجباتِ الدِّين؛ لأنَّها أظهرُ وأعظمُ وأسرعُ عِلْمًا، لأَنَّ في اليوم تُعرف صلاةُ الشَّخص وطعامُه غالبًا، والصَّوم إنَّما يُعلَم في السَّنة، وكذا الحَجُّ يتأخر سنين، وقد لا يَجبُ أصلًا.
(ذَبِيْحَتَنَا) السِّيَاق وإِنِ اقتضَى أَنْ يُقال: أكلوا ذبيحتَنا، لكنَّ المُراد ذَبَحوا مثلَ ذَبيحتِنا، أي: مذْبوحَنا، فلحقتْه التَّاء، فإِنْ كان فَعِيْل بمعنى مَفعول يَستوي فيه المُذكَّر والمُؤنَّث؛ لغلَبة الاسميَّة عليه، وإنَّما يَستوي الأَمران فيه عندَ ذِكْر المَوصوف.