إذا نَسِيَ فدخل المَسجِدَ فذكرَ أنَّه جُنبٌ يتيمَّمُ وَيخرُجُ، وعلى أبي حنيفةَ في قَوله في الجُنُبِ المُسافِرِ يَمرُّ على مسجِدٍ فيه عينُ ماءٍ: يتيمَّمُ ويدخُلُ المسجدَ، فيستقي ثمَّ يُخرِجُ الماءَ من المسجد؛ لأنَّه لم يحتَجْ للتَّيمُّمِ لخُروجِه، فلا يحتاجُ إليه المارُّ للضَّرورَة.
وقد قالَ الشَّافعيُّ: يُباحُ المرور في المسجد لقوله تعالى: {إلا عَابِرِي سَبِيلٍ}[النساء: ٤٣] فإنَّ العُبورَ قرينةُ أنَّ المُرادَ بِـ {لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ}[النساء: ٤٣] مكانَ الصَّلاة، وهو المَسجد، فسمَّاه باسمِها كما في:{لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ}[الحج: ٤٠].
وقال أحمدُ: يجلِسُ الجُنُبُ في المَسجد، وَيمُرُّ إذا توضَّأَ، ومنعَ مالكٌ والكوفيون الدُّخولَ فيه ولو عابرَ سبيلٍ؛ إذ حَمْلُ الصَّلاة على مكانِها مَجازٌ، أو يُحملُ على عُمومِه؛ أي: لا تقربوا الصَّلاةَ، ولا مكانَها إلَّا أن تكونوا مُسافرين، فتيمَّموا واقرَبوا.
قال (ك): القرينةُ دلَّت على إرادة المَجازِ، والحَمْلُ على العموم مُمتَنِعٌ؛ إذ يلزَمُ إرادةُ الحقيقةِ والمَجازِ بلفظٍ واحدٍ، وهو مُمتَنِعٌ عندَهم.