للحياة، والإرادة، والعلم، والكلام اللازم من الوعد، والسمع والبصر اللازمان من المغفرة، وفيه ذكرُ العبدِ نفسَه بأنقص الحالات، وذلك بالعبودية وبالذنوب في مقابلة النعمة المقتضية للشكر؛ فهذان الوصفان ليريه من نفسه أقصى غاية التضرع، ونهاية الاستكانة.
* * *
٣ - بابُ اسْتِغْفَارِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ
(باب: استغفار النبي - صلى الله عليه وسلم - في اليوم والليلة)
هو، وإن كان معصومًا لا ذنب له أصلًا؛ لكن استغفاره نفسه عبادة، فهو تعبد به، أو تعليم لأُمته، أو من ترك الأولى، أو تواضعًا، أو عما لعله سها فيه، أو لما قبل النبوة، أو لأنه لما اشتغل بمصالح الأُمة عن عظيم مقامه، وهو حضورُه مع الله تعالى، وفراغُه عما سواه، رأى ذلك كالذنب بالنسبة إليه، وإن كان الذي اشتغل به من أفضل الطاعات؛ لكنه نزولٌ عن عالي درجته، أو أنه لما كان دائمًا في الترقي في الأحوال السَّنيّة، فإذا رأى ما قبلها دون ما صار إليه، استغفر منه؛ كما يقال: حسناتُ الأبرار سيئاتُ المقرَّبين، أو أنه تتجدد غفلاتٌ للطبع، فيفتقر للاستغفار.
قلت: وبعضُ هذه الأوجه أوجَهُ من بعض، والقصدُ ظاهر.