وقال أبو الفَرَج: إنَّ كلمة (أنْ) في قوله: (أنْ يتغنَّى) زيادةٌ من بعض الرُّواة، فإنها لو ثبتتْ لكان أَذِنَ مِن الإِذْن، وهو الإطْلاق في الشَّيء، وليس المعنى هنا عليه، وإنما أَذِنَ هنا بمعنى: استمَع.
فإن قيل: التَّرجمة: لم يتغنَّ، والحديث: يتغنَّى؛ فلم يتطابقَا نفيًا وإثباتًا؟
قيل: إما باعتبار حديث: "مَنْ لم يَتغنَّ بالقُرآن فليسَ مِنَّا"، فأشار لذلك الحديث، ولم يذكُره؛ لأنَّه ليس على شَرْطه، وإما باعتبار مفهومه.
وقال (خ): وثالثٌ: أنَّ العرب كانت تُولَع بالغِنَاءِ والنَّشيد في أكثَر أحوالها، فلمَّا نزَل القرآن أحبَّ أن تكون القراءةُ هِجِّيرًا لهم مكانَ الغِنَاء، فقال:"ليسَ مِنَّا مَن لم يَتغنَّ بالقُرآن"، فيحتمل هذا الحديث أيضًا مثل ذلك.