يلحظ فيها أصل الفعل لا تقييد الثبوت بالقرينة كما هنا، فإن المقام يقتضي نفي ذلك بالكلية، وكذا قالوا في قوله تعالى:{لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ}[الشورى: ١٧]: أنه يجوز أن تكون بمعنى: ذي قرب، وحاصله أن باب: ذي كذب لا يختص الفاعل والفعل، وأما فائدة ذكر الكذوب والجبان هنا: أنه لمَّا نفى البخل الذي هو مقتضى المقام قال: ولا أكذب في نفي البخل عني، ثم هذا النفي ليس من خوفي منكم، وهذا من جوامع الكلم إذ أصول الأخلاق: الحكمة، والشجاعة، والكرم، فأشار بعدم الكذب إلى كمال القوة العقلية، أي: الحكم، وبعدم الجبن إلى كمال القوة الغضبية، أي: الشجاعة، وبعدم البخل إلى كمال القوة الشهوية، أي: الجود، وهذه الثلاث هي أُمهات فواضل الأخلاق، والأول: مرتبة الصديقين، والثاني: الشهداء، والثالث: الصالحين.