انتفاء التعدد عُلم من انتفاء الفساد؛ لكن الّذي في الحديث انتفاء الثّاني لانتفاء الأوّل؛ فإن انتفاء الرجاء لانتفاء العلم المذكور؛ كما في: لو حيَّيتني لأكرمتك؛ وكذا في الآية انتفاءُ الفساد لانتفاء التعدد، على تقدير غير ابن الحاجب.
واعلم أن القصد من الحديث: طلبُ التوسط بين الخوف والرجاء؛ أي: لا يكون مفرطًا في الرجاء بحيث يصير من المرجئة، ولا مفرطًا في الخوف بحيث يصير من الوعيدية؛ كما قال تعالى:{وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ}[الإسراء: ٥٧]، ومن تتبع الشّريعة، وجدها بهذا المنهج أصولًا وفروعًا، ففي صفات الله تعالى: لا يثبت بحيث يلزم التجسيم، ولا ينفي بحيث يلزم التعطيل، وفي أفعال العباد: لا يكون جبريًّا ولا قدريًّا؛ بل بأمر بين الأمرين، وفي الأئمة: لا يكون خارجيًّا، ولا رافضيًّا؛ بل سنيًّا، وفي العبادة: لا يجهر في الصّلاة، ولا يخافت؛ للآية، وفي المال: كما قال تعالى: {لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا}[الفرقان: ٦٧].