(باب من برك على ركبتيه عند الإمام أو المحدث) بَرَك -بتخفيف الرَّاء- استعارةٌ مِن بَرَك البَعير بُروكًا: استَناخَ، وكلُّ شيءٍ ثبَت وقامَ فقد بَرَك، ويُسمَّى هذا المَجاز غير مُقيَّدٍ، وهو أنْ يكون في حقيقته مقيَّدًا، فيُستعمل في الأَعمِّ بلا قَيْدٍ كالمِشْفَر، وهو شَفَة البَعير، فيُستعمل في مُطلَق الشَّفَة، فيُقال: زيدٌ غَليظ المِشْفَر.
٩٣ - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ قَالَ: أَخْبَرَناَ شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَنسُ بْنُ مَالِكٍ: أَنَّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - خَرَجَ، فَقَامَ عَبْدُ اللهِ بْنُ حُذَافَةَ فَقَالَ: مَنْ أَبِي؟ فَقَالَ:"أَبُوكَ حُذَافَةُ"، ثُمَّ أَكثَرَ أَنْ يَقُولَ:"سَلُونِي"، فَبَرَكَ عُمَرُ عَلَى رُكبَتَيْهِ فَقَالَ: رَضِينَا بِاللهِ رَبًّا، وَبِالإِسْلَامِ دِينًا، وَبِمُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم - نبَيًّا، فَسَكَتَ.
(فقام عبد الله) إلى آخره، سبب سُؤاله أنَّ بعض الناس كان يَطعَنُ في نسَبه على عادة الجاهليَّة في الطَّعن في الأَنساب، وفي "مسلم": (كانَ يدعى بغَيرِ أَبيهِ، ولما سمعتْ أُمُّه سُؤاله قالتْ: ما سمعتُ بابنٍ أعقَّ منْكَ، أَأَمِنْتَ أنْ تكونَ أُمُّكَ قَارفَتْ ما يُقارِف نِساءُ الجاهليَّة؛ فتَفْضَحها على أَعيُن النَّاس، فقال: واللهِ لَو أَلحقَني بعَبْدٍ أَسوَد للَحِقْتُ بهِ).
وأما معرفة النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أنَّه ابنُه فالظاهر أنَّه بوحيٍ، ويحتمل بالفِراسة، أو بالاستِلْحاق.