إلا ما في جِهَةِ قِبْلته، فأقسَم بالله أنَّه يَرى من غير جِهَة قِبْلته كما يَرى منها.
(ما يَخْفَى) هو جوابُ القسَم.
(وخُشُوعُكُم)؛ أي: سُجودكم؛ لأنَّه الغاية في الخُشوع، أو الأَعمُّ من ذلك.
(إِنِّي لأَراكُم) بدلٌ من جَواب القسَم، أو بيانٌ له، وهو بفتح الهمزة.
قال (ط): فيه أنَّ الإمامَ يَنهَى مَن يَراه مُقصِّرًا، أو يَحضُّه على ما فيه الحَظُّ؛ لأنَّه - صلى الله عليه وسلم - وبَّخَ من نقَص كمالَ الرُّكوع والسُّجود، ووعظَه بأنَّه يَراه، قال تعالى:{الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ} الآية [الحج: ٤١]، وأما رُؤيته مَنْ خَلْفه، فإنَّه [ربما] يوحى إليه ما يَفعلونَه، فعبَّر عن العِلْم بالرُّؤية، أو أنَّ من خَصائصه أنَّه زيدَ في بصَره حتَّى يَرى مِن ورائه، وبه جزَم أحمد، وهو دليلٌ للأشاعرة في أنَّ الرُّؤية لا يُشترط فيها مُواجهة ولا مُقابلةٌ، وجوَّزوا إبصارَ أَعمى الصِّين بقبة أَندلس.
* * *
٤١٩ - حدثنا يَحْيَى بْنُ صَالحٍ، قَالَ: حدثنا فُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ هِلَالِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ أنس بْنِ مَالِكٍ قَالَ: صَلَّى بِنَا النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - صلَاةً ثُمَّ رَقِيَ الْمِنْبَرَ، فَقَالَ في الصَّلَاةِ وَفِي الرُّكوعِ:"إِنِّي لأَرَاكُمْ مِنْ وَرَائِي كمَا أراكُمْ".