قال (ط): هذا الحديث وإِنْ لم يكُن فيه أنَّه أَنشَد شِعْرًا في المَسجِد، لكنْ في (باب بَدْء الخَلْق)، وبه تتمُّ التَّرجَمة:(مَرَّ عُمَرُ بالمَسجِد وحسَّانٌ يُنشِدُ، فزَجَرهُ، فقال: أَنشَدتُه وفيه مَنْ هو خيرٌ منك، ثم التَفتَ إلى أبي هُريرة، فقال: أَنشُدكَ الله ...) إلى آخره، وهو يَدلُّ على أَنَّ قولَه - صلى الله عليه وسلم -: (أَجِبْ عَنْ رَسُولِ اللهِ)، كان في المَسجِد، وقد اختُلف في ذلك، فقيل: يَجوزُ ما لا بَأْسَ به، وقيل: يَمتَنع، وقيل: المَنهيُّ عنه الشِّعْر الذي فيه الخنَا والزُّور، أو يَغلِبُ على المَسجِد حتَّى يكون كلُّ مَنْ فيه يَتشاغَلُ به، وقال (ن): هو مُستحبٌّ إذا كان في تَمادح الإِسلام وأهله، أو هِجَاء المُشركين، أو التَّحريض كما كان شِعْر حسَّان، وفي الحديث الدُّعاء لمَنْ يقولُ مثلَ ذلك، والانتِصار من الكُفَّار به.
قال الطَّحَاوي: لكنْ لا يَبدؤُهم بسَبٍّ ولا هِجَاءٍ مخافةَ سَبِّهم الإِسلامَ وأهلَه، قال تعالى:{وَلَا تَسُبُّوا}[الأنعام: ١٠٨] , ولتنْزيه ألسنة المُسلمين إلا أَنْ تَدعُوَ إليه ضرورةٌ كابتِدائهم به، يدلُّ عليه لفظ:(أَجِبْ)، وإنَّما اكتفَى بأبي هُريرة وَحْدَه؛ لأنَّها روايةٌ لا شهادةٌ، وإنْ سُمِّيت بذلك مجازًا.