للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ قتَادَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَنسٌ: أَنَّ رَجُلَيْنِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - خَرَجَا مِنْ عِنْدِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - في لَيْلَةٍ مُظْلِمَةٍ، وَمَعَهُمَا مِثْلُ الْمِصْبَاحَيْنِ يُضِيئآنِ بَيْنَ أَيْدِيهِمَا، فَلَمَّا افْتَرَقَا صَارَ مَعَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَاحِدٌ حَتَّى أتى أَهْلَهُ.

(أن رجلين) هما عَبَّاد -بفتح المُهمَلة وتشديد المُوحَّدة- بن بِشْر، بكسر المُوحَّدة، وأُسيد بن حُضير بالتَّصغير فيهما.

(مظلمة) بكسر اللَّام مِن أظلَم اللَّيل، وقال الفَرَّاء: ظَلُم الليل وأظلَم بِمعنًى، وضاءَت النَّار وأضاءَتْ مثله، وأضاءتْه النَّارُ يتَعدَّى ولا يَتعدَّى، وقال الزَّمَخْشَريُّ: بمعنى نَوَّرَ مُتعدٍّ، وبمعنى لَمَعَ غير مُتعدٍّ، وأمَّا أظلَم فيحتمل التَّعدِّي وعدمَه.

(بين أيديهما)؛ أي: قُدَّامَهُما، وهو مفعولٌ فيه إنْ كان فعلُ الإضاءة لازمًا، ومفعولًا به إن كان متعدِّيًا.

قال (ط): إنَّما ذكَر هذا الحديث البُخاري في أحكام المَساجِد؛ لأنَّ الرَّجلين كانا معه في المَسجِد فأكرمهما الله بالنُّور في الدُّنْيا ببركته وفَضْل مسجدِه - صلى الله عليه وسلم -، وذلك آيةٌ للنبيِّ - صلى الله عليه وسلم - إذْ خُصَّ أِصحابُه بمثْل هذه الكرامة عند حاجتهم للنُّور، وكأنَّه أراد أن يُترجِم ذلك بباب: {وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ} [النور: ٤٠] , يُشير إلى أنَّ الآية عامَّةٌ في معناها، وقال تعالى: {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ} [النور: ٣٦]، ويُستدلُّ به على أنَّ الله تعالى يجعل لمَنْ يُسبَح في تلك المَساجِد نُورًا