للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

على فِراقه، ولهذا قال - صلى الله عليه وسلم -: (عَبْدًا) بالتنكير؛ ليُظهِرَ نبَاهة أهل العِرفان في تَفسير هذا المُبهَم.

(أَمَنَّ)؛ أي: أكثَر جُودًا بنفسهِ ومالهِ، أي: بلا استِثابةٍ على ذلك، كما في: {وَلَا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ} [المدثر: ٦] أي: لا تُعْطِ لتَأخُذَ أكثر مِمَّا أَعطَيتَ، لا من المَنِّ الذي يُفسِد الصَّنِيْعة؛ فإنَّه لا مِنَّةَ عليه - صلى الله عليه وسلم -، بل مِنَّتُه على جميع الخلْق، وفي بعضها: (من أمَنُّ)، فيُشكِل قولَه: أبو بكر، فيُؤَوَّل على أنَّ (مِن أمَنِّ) صفةٌ لمَحذوفٍ، أي: أنَّ رجلًا مِنْ أمَنِّ.

قلتُ: أو يُضمَر الشَّأنُ في (أنَّ)، كما قيل به في حديث: "إِنَّ مِنْ أَشَدِّ النَّاسِ عَذَابًا يَومَ القِيَامَةِ المُصَوِّرُونَ".

(خليلًا) فَعِيْلًا بمعنى مَفعول، قال الزَّمَخْشَري: هو المُخَالُّ الذي يُخالُّكَ، أي: يُوافقُك في خِلالِكَ، ويُسَامرُك في طريقتِك، من الخِلِّ وهو الطَّريق في الرَّمْل، أو يَسُدُّ خلَلَكَ كما تَسُدُّ خلَلَه، أو يُداخلُك خِلالَ مَنازلِك وحجَبك، وقيل: من الانقِطاع، فخليلُ الله المُنقطِع إليه، والمعنى هنا: لو كنتُ مُنقطِعًا إلى غير الله لانقطَعتُ إلى أبي بكر، أو لو اتَّسَعَ قلبي لغير الله لاتَّسَعَ له، أو نحو ذلك، أي: لَم يُبْقِ فيه مَوضعًا لغيره، فأمَّا قولَ بعض الصَّحابة: سمعتُ خَليلي - صلى الله عليه وسلم - فانقِطاعٌ إلى النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، وذلك انقِطاع إلى الله، أي: فهو اتَّخَذَ النبيَّ - صلى الله عليه ٧ وسلم - خليلًا، لا أَنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - اتَّخَذَه خَليلًا.

(ولكن أخوة الإِسلام) مبتدأٌ حُذِفَ خبرُه، أي: أَفضَلُ كما صرَّح