(فليقاتله) بكسر لام الأمر، أو سُكونها، وهو للنَّدْب صرَفه القَرائنُ عن الوجوب، ومعنى المُقاتَلة هنا: الدَّفْع الشَّديد المُشبِه لدَفْع المُقاتل، فهو مبالغةٌ في كُرْهِ المُرور.
قال (ط): أجمعوا على أنَّه لا يُقاتلُه بالسَّيف، ولا بما يُفسد صلاتَه؛ لأَنَّ ذلك أضرُّ من المُرور.
قال (ع): فإنْ دفَعَه بما يَجوزُ فهلَك به فلا قَوَدَ باتفاقٍ، وفي الدِّية خِلافٌ، وعلَّة قول الهَدَر أنَّه تولَّدَ من مُباحٍ، وعلى وُجوبها قال (ط): قيل: علَيهِ، وقيل: على عاقِلَته.
قال: واتفقوا على دَفْع المارِّ إذا صلَّى إلى سُترةٍ، فإنْ صلَّى لغير سُتْرةٍ فلا؛ لأنَّ المُرور مُباحٌ، فلا يُمنعَ إلا بما قام عليه الدَّليل.
(فإنَّما هو شيطان)؛ أي: فعلُه فِعْلُ شيطانٍ، أو أنَّه شيطانٌ مُتمرِّدٌ ولو كان من الإِنْس، أو أنَّ معه شيطانًا هو الحاملُ له على فعله، والحَصْر مبالغةٌ في ذلك، ففيه أَنْ يُقال لمَن فَتَن شخصًا في دينه: شيطان، وأَنَّ الحُكم للمعاني لا للأسماء؛ لأنَّه يستحيل أَنْ يصيرَ المَارُّ شيطانًا لمُروره بين يدَيه.
قال (ك): وفيه أَنَّ الدَّفْع إنَّما هو بالأَسهَل فالأَسهَل، وأَنَّ المُنازَعات لا بُدَّ فيها من الرَّفْع للحاكم، ولا يَنتقم الخصْمُ لنفسه، وأنَّ رواية العَدْل مقبولةٌ ولو أَنَّ الرَّاوي يَنتفِع بها.