لَهَبُها، وخُروج ما يَبرُز منها، فأحوالُ هذا العالَم عَكْس ذاكَ العالَم، فكما جُعل مُستطابُ الأشياء شِبْهَ نَعِيْم الجِنَان ليَكونوا أَميَلَ إليها جُعل للشَّدائد أُنْموذجًا لأحوال الجحيم ليزيْدَ خوفُهم بما يخرُج من حَرِّها ومن بَردها.
(أشد) بالجرِّ بدَلٌ أو بيانٌ، وفي بعضها بالرَّفع خبرُ مبتدأ محذوفٍ، أي: هو أشدُّ كما صرِّح به في روايةٍ، أو (أشدُّ) مبتدأٌ والخبر محذوفٌ، أي: منه، وسيَأتي في (بَدء الخلق) في (باب صفة النَّار): (فأَشَدُّ مَا تَجِدُونَ)، فيكون الخبر محذوفًا، وصَرَّح به النَّسائي في روايةٍ في (التَّفسير)، وهي:(فأَشَدُّ ما تَجدُونَ من البَرْدِ مِنْ بَردِ جهنَّمَ، وأَشَدُّ ما تَجدُون مِنَ الحَرِّ، من حَرِّ جَهنَّم)، وفيه لَفٌّ ونَشْرٌ غير مُرتَّبٍ.
(من الزمهرير)؛ أي: من طبقةٍ من جهنم زَمْهريريَّةٍ، فجهنَّم هي المُراد بالنَّار؛ لأَنَّ الزَّمهرير يكون من نفس حقيقة النَّار، وتَشهدُ له رواية النَّسائي السَّابقة.
قال (ن): والجمْع بين هذا الحديث وبين حديث خَبَّاب: (شَكَوناَ إليهِ - صلى الله عليه وسلم - حَرَّ الرَّمْضَاءِ فلَمْ يُشْكِنَا)؛ أي: لم يُزِلْ شَكْوانا، قيل: لأَنَّ الإبراد رُخصةٌ، والتَّقديم أَفضَل، وقيل: الإبراد مُستحبٌّ لكثرة أحاديث فعلِه والأَمرِ به، ويُحمل حديث خَبَّاب على أنَّهم طلبوا زائدًا على قَدْر الإبراد؛ لأنَّه بحيث يحصُل للحيطان ظِلٌّ يَمشُون فيه، وكذا قال (خ): في الجمع بينهما.