للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أوَّل وقْتِ العصْر مصيرُ ظِلِّ الشَّيء مثلَيه كما يقوله الحنفيَّة، أمَّا من يقول: يدخل بمصير ظِلِّ الشَّيء مثلَه كالشَّافعية، فمُشكِلٌ، فلذلك جعلَه الحنفية من أدلة مذهبهم، وجوابُه: مَنْعُ أن لا يكون من الزَّوال، ومصير الظِّل مثلَه أكثر مما بينه وبين الغُروب، ولئنْ سُلِّم، فمجموعُ عمل الفَريقين أكثرُ، وإنْ لم يكُ عمل أحدهما أكثرُ، وأنَّه لا يَلزم من أنَّهم أكثر عملًا أنَّ زمان عملهم أكثر؛ لجواز أن يكون عملٌ أكثرُ في زمانٍ أقلَّ، وسيأتي في آخِر الصَّحيح في (كتاب السُّنَّة): أنَّ أهل التَّوارة قالوا ذلك، لكنْ قال ابن الجَوْزِي: بين عيسى ومحمَّد - صلى الله عليه وسلم - ستُّ مئةٍ، وهذه الأُمة قاربتْ ستَّ مئةٍ، فكيف يكون زمانُها أقلَّ؟ قال: وجوابه: أنَّ عملَها أسهَل، وأَعمارُ المُكلَّفين أقصَر، والسَّاعة إليهم أَقْرب، فجاز أَنْ يكون زمانُ عمَلهم أقصَر، انتهى.

أما باعتبار قَول هؤلاءِ في ذلك، فإنَّما هو لتَقرير الله لهم لا أنَّ قولَهم حُجَّةٌ.

(ظَلَمْتُكم)؛ أي: نَقَصْتُكم، فإنَّ الظُّلم تارةً بالزِّيادة، وتارةً بالنَّقص.

(فهو فضلي)؛ أي: كلُّ ما أعطيتُه من الثَّواب؛ فلا عُلْقة للمُعتزلة في قولهم: ثَوابُ قَدر العمَل مُستحَقٌّ، والزَّائد هو الفضل.

ووجه مطابقة الحديث للترجمة من قوله: (إِلَى غُرُوبِ)، فدل أنَّ الغُروب آخِرُ الوقْت، وأن العمل قَبلَه معتبرٌ في الإدراك، ويحتمل أنَّهم