للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

إتيان الآتي من حيث لم يكونوا شَاهدوه من قبلُ، ويُشبه أن يكون حَجَبهم عن تحقُّق الرُّؤية في الأُولى، حتَّى قالوا: هذا مكاننُا من أجل أنَّ معهم منافقون لا يستحقُّون الرُّؤية، وهم عن ربِّهم محجوبون، فلمَّا تميَّزوا ارتفعت الحُجُب، فقالوا عندما رأَوه: أنتَ ربُّنا، ويحتمل أنَّ الأَوَّل قول المُنافقين، وهذا الأخير قول المؤمنين، وقد رواه البُخاري كما سيأتي بلفظ: (فيَأْتيهمُ اللهُ في غير الصُّورة التي يَعرِفُون، فيقول: أَنا رَبُّكُمْ)، وهذا يؤكِّد أنَّه قول المُنافقين، ولفظه وإنْ كان عامًّا فالمُراد خاصٌّ، وأما الصُّورة فالمراد بها الكيفيَّة، كما تقول: صُورة هذا الأمر كذا، أي: صفتُه، أو أنَّه خرَج على نَوعٍ من المُطابقة؛ لأنَّ سائر المَعبودات المذكورة صورةٌ، وقال (ع): يحتمل أن يقال: يَظهَر لهم في صُورة ملائكته التي لا تُشبه صفاتِ الإله اختِبارًا، فإذا قال لهم: أَنا ربُّكم؛ أنكَروا لمَا رأَوه من علامة المخلوق، ويستعيذون بالله منه.

قلتُ: وكان شيخنا شيخ الإسلام البُلقيني -رحمه الله- يُقرِّره لنا بوجهٍ جميلٍ، وهو: أنَّ الله تعالى تَعبَّد عبادهُ بصفاتٍ فيه يَعرفونَها، واستَأْثر بعلمِ صفاتٍ أُخرى، فإذا تَجلَّى لهم يوم القيامة بصفةٍ لم يتعبَّدْهم بها أنكَرُوها، فإذا تَجلَّى لهم بالصِّفة التي تعبَّدَهم عرَفوها، وقالوا: أنْتَ ربنُّا، فلم يبقَ بعد ذلك في الحديث إشكالٌ أصلًا.

(ظَهْرانيَ) بفتح الظَّاء، وسكون الهاء، وفتح النُّون، أي: ظَهْرَي، فزِيْدتِ الألف والنُّون للمُبالغة، وقيل: لفْظ الظَّهر مُقحمٌ أيضًا، وأنَّ