(أدركتم)؛ أي: مَنْ سبقكم من أهل الأموال في الدَّرجات العُلا.
(ولم يدرككم أحد) لا يَمتنع أنْ يفوق هذا مع سُهولته الأعمال الشَّاقَّة من الجهاد ونحوه، أو يُساويه، وإن ورد:"أَفْضَلُ العِبَاداتِ أَحْمزُها"؛ لأنَّ في الإخلاص في الذِّكْر من المشَقَّة -ولا سيَّما الحمد في حال الفقر- ما يصير به أعظم الأعمال، أو أنَّه لا يلزم أن الثَّواب بقدْر المشقَّة مطلقًا؛ فإنَّ ثَواب الشَّهادتين أكثر من العِبادات الشاقَّة، ونحوه كلمةٌ فيها تمهيدُ قاعدةٍ من الدِّين يعمُّ خيْرُها، وقد قال العلماء: إدراك صحبة النبي - صلى الله عليه وسلم - لحظة لا يُوازي خيرَها وفضلَها عملٌ.
ثم إنَّه بيَّن أنهم لو كانوا أغنياء لعملوا مثل عملهم وزيادة، ونيَّة المؤمن خيرٌ من عمله، فلهم ثواب النية، وهذه الأذكار.
(وكنتم خير) لا تَنافي بينه وبين قوله: (أدركتُم)، الذي ظاهره المُساواة؛ لأنَّا نمنع ذلك، ونقول: الإدراك أعمُّ من المساواة، فربَّما تَفوق أيضًا.
(بين ظهرانيه)؛ أي: بينه، وسبق تقريره مرَّاتٍ.
(إلا من عمل)؛ أي: إلا الغنيَّ الذي يُسبِّح؛ فإنه خيرٌ منكم أو مثلُكم، وهذا الاستثناء يعود لكل ما سبق على قاعدة الشَّافعي، فإذا كان عائدًا للأُولى يلزم قطعًا أن يكون الأغنياء أفضل، أو معناه: إنْ