قال (ك): الاستشكال باقٍ، أما على الأوَّل؛ فلأنَّ له أجر إدراك الصَّلاة لا التَّبكير والمُسارَعة، وأما على الثاني؛ فلأنَّ اليوم الشَّرعي من طُلوع الفجْر، ولئن قيل بما اشتُهر عُرفًا من الشَّمس فالساعات ستٌّ لا خمسٌ، ولا تصحُّ في السادسة الجمعة بل في السابعة، وفي النَّسائي مرفوعًا:"المُهجِّر إلى الجمُعة كالمُهدي بدَنةً، ثم كالمُهدِي بقَرةً، ثم كالمُهدي شاةً، ثم كالمُهدِي بطَّةً، ثم كالمُهدِي دجاجةً، ثم كالمُهدِي بَيضةً".
قال (ن): في المسألة خلافٌ مشهورٌ، فقال مالك، وإمام الحرمين: بأنها لحظات لطيفة بعد الزوال، لأن الرواح لغة: من الزوال، والجمهور قالوا: باستحباب التبكير أول النهار، وأما الرواح، فقال الأزهري: هو مطلق الذهاب سواء أول النهار أو آخره أو الليل؛ قال: وهذا الصواب، لأنه لا فضيلة لمن أتى بعد الزوال، لأن التخلف بعد النداء حرام، ولأن ذكر الساعات للحث على التبكير والترغيب بالانتظار، والاشتغال بالذكر ونحوه، وذلك لا يكون من الزوال؛ نعم مَنْ جاء في ساعة من هذه الساعات أولًا لا يساويه من جاء آخرها ولا وسطها، بل مراتبهم متفاوتة، فهم وإن اشتَركوا في البدَنة مثلًا، لكنْ بدَنة الأوَّل أكمَل من التي فيما بعدها، وهكذا، أو ذلك كمن صلَّى في عشرة آلافٍ لا تكون درجاته السَّبع والعشرون كدرَجات من صلَّى مع اثنين، بل الأوَّل أكمل.