ولذا قال التَّيْمِي: المراد أنَّ مَن وُجدتْ فيه هذه الخِصال، فهو مُؤمنٌ على سبيل الكمال، فإيمانُ كلِّ واحدٍ بقدْر ما يُوجد فيه منها.
واعلم أنَّ تفاصيل هذه الشُّعَب وأسمائها لا تكليفَ فيه، ولا يَقدح في الإيمان الجهْلُ بذلك، فلذلك بيَّن النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - أعلاها وأَدونَها، فعُلم أنَّ ما بينهما من الطَّاعات هو الباقي كما كلَّفَنا بالإيمان بملائكته وإنْ لم نعلَم أسماءَ الأكثَر، ولا أَعيانَهم.
قال (ن): بيَّن أعلاها، وهو لا إله إلا الله، فتبيَّن أنَّ التوحيد واجبٌ على كل مكلَّفٍ، ولا يصحُّ شيءٌ من الشُّعب إلا بعد صِحَّتها، وبيَّن أَدناها، وهو ما يُدفع به ضررُ المسلمين، فما بينهما تمام العدَد نُؤمن به وإنْ لم نَعلم أَعيانَ أفراده، كما نُؤمن بالملائكة وإنْ لم نَعرف أعيانَهم وأَسماءَهم، انتهى.
وخاضَ قومٌ مرَّةً في تَفاصيلها، فقال ابن حِبَّان: تتبَّعتُ معنى هذا الحديث مدةً، وعدَدتُ الطَّاعات، فإذا هي تَزيد على هذا العدد شيئًا كثيرًا، فرجعتُ إلى السنَّة فعددت كل طاعةٍ عدَّها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الإيمان، فإذا هي تنقُص، فضمَمتُ ما في الكتاب والسنَّة، فإذا هي تسعةٌ وسبعون، لا تَزيد ولا تَنقص، فعلمتُ أنَّه المراد.
نعَمْ، قال البَيْضاوي: يحتمل أنَّ المراد بهذا العدد، وهو سبعٌ وسبعون التكثيرُ على حدٍّ:{إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً}[التوبة: ٨٠]، وذلك أنَّ لفْظ (السبْع والسَّبعين) يكون للتَّكثير كثيرًا؛ لاشتمال السَّبعة