(باب من قال في الخطبة بعد الثناء: أما بعدُ)، بضم الدال على البناء لنية الإضافة كسائر الغايات، و (أمَّا) -وإن كانت لا بد لها من (أمَّا) أخرى تعادلها- فوقوعها في الخُطَب والرسائل ونحوها بدون ذلك إما بتقديره فيما يتقدمها؛ أي: أما الثناء فكذا، وأما بعده فكذا، فيكتفي بذلك عن التصريح بلفظها لقيامه مقامَه.
قلت: ويحتاج حينئذ إلى ادعاء حذف العاطف، فلو قيل: إن ذلك هو الأكثر ومجيئُها بلا تعادل قليلٌ، ومنه هذا = كان أحسن، وهي من أفصح الكلام، وتسمَّى فَصْلَ الخِطاب، وأول مَنْ نطق بها قيل: داود، وهو المراد في قوله تعالى:{وَآتَيْنَاهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطَابِ}[ص: ٢٠]، وقيل: يَعْرُب، وقيل غير ذلك.