إنَّه الذي جَمع إلى هَجْر وطنِه هَجْرَ ما نهى الله عنه، ولا يَتكلُوا على هِجْرة المدينة فقط.
وقيل: لمَّا شَقَّ فَواتُ الهِجْرة على بعضهم قيل المُهاجرُ (مَنْ هَجَرَ مَا نهى اللَّهُ عَنْهُ).
ويحتمل أنَّه قال ذلك بعد الفتْح، فإنَّه لا هجرةَ حينئذٍ إلا هجْرة المعاصي.
واعلم أنَّ الإسلام قد يُطلق على الأعمال الظاهرة؛ كقوله تعالى:{قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا}[الحجرات: ١٤]، ويُطلق على اعتقاد القَلْب مع الأَعمال والإِخلاص لله تعالى في جميع ما قضَى وقدَّر، كما قال عن إبراهيم عليه السَّلام:{إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ}[البقرة: ١٣١]، فيحتمل أنَّ المراد بالمُسلم هنا المُخلِص المُستسلِم لقضاء الله وقدَره، فكأنَّه قال: المُسلِم مَن أسلَم وجْهه لله، ورضِيَ بتقديره، لا يتعرَّض لأَحدٍ بإيذاءٍ.
(وَقَالَ أَبُو مُعَاوِيَة)؛ أي: الضَّرير محمَّد بن خازِم، بمعجمةٍ، وصلَه إسحاق بن راهَوَيْهِ في "مسنده" عنه، ووصلَه ابن حِبَّان في "صحيحه".
(وَقَالَ عَبْدُ الأَعْلَى) وصلَه عُثمان بن أبي شَيبة في "مسنده" عنه.
وأَورد البُخاريُّ هذين التعليقَين للاستشهاد والمُتابعة لا للاستِدلال، وفيه دقيقةٌ: وهي أنَّ في طريق أَبي مُعاوية: (سمعتُ