للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

إِطعام المجاويع، أو الضِّيافة، أو هما جميعا، وللضيافة في التحابُب والتآلُف أثرٌ عظيمٌ.

(وَتَقْرَأُ) بفتح المُثنَّاة والراء، وبضم التاء وكسر الراء، أي: تسلم على كل أحد، ولا تخصَّ بعضًا دون بعض كما قد يقع ذلك تكبرًا أو تهاونًا، أو تسلم مصانعة، بل يكون السلام عامًّا مراعاة لأخوة الإسلام، وتعظيمًا لشعائر الشريعة، وإذا كان خالصًا فلا يخص بأحد، ولا يمنع منه عداوة، نعم الكافر خارج من العموم إجماعًا.

فإن قيل: كيف جعل هنا الخير الإطعام، وإقراء السلام، وفي الحديث السابق الأفضل: السلامة من يده ولسانه، قيل: إن الجوابين في وقتين فكان الأفضل في كل منهما ما أجاب به إما باعتبار السامع أو بعض أهل المجلس، فقد يظهر من بعض قلة المراعاة ليده ولسانه وإيذاء المسلمين، ومن بعض إمساك عن الإطعام أو تكبر عن السلام، أو أن النبي - صلى الله عليه وسلم - علم أن السائل الأول يسأل عن أفضل التروك، والثاني عن خير الأفعال، أو أن الأول يسأل عما يدفع المضار، والثاني عما يجلب المنافع، أو أنهما بالحقيقة متلازمان إذ الإطعام يستلزم سلامة اليد، والسلام يستلزم سلامة اللسان.

وفي الحديث الحث على الجود والسخاء، ومكارم الأخلاق، وخفض الجناح للمسلمين والتواضع، وتآلف القلوب، ونحو ذلك، فاشتمل الحديث على نوعي المكارم؛ لأنَّها إما مالية، والإطعام إشارة إليها، وإما بدنية، والسلام إشارة إليها.