أَخوه أفْضلَ منه؛ لأنَّ كلَّ أحدٍ يحبُّ أنْ يكون أفْضل من غيره، فإذا أحبَّ لأخيه مثْلَ ذلك دخَلَ هو في جُملة المفضولين.
ثم قال ابن الصَّلاح: إنَّ هذا يُعدُّ من الصَّعب المُمتنِع، ولكنْ لا يُعدُّ بأنْ يحبَّ أنْ يحصل لأَخيه من جهةٍ أُخرى مثل ذلك من جِهةٍ لا يُزاحمه، ولا ينتقصُ عنه، وذلك سَهْل على القَلْب السَّليم.
واعلم أنَّ من الإيمان أيضًا أن يُبغض لأخيه ما يُبغض لنفْسه، ولكن تَركَه في الحديث إما اكتفاءً؛ لأنَّ حبَّ الشيء يَستلزم بُغْض نقيضه، أو لأنَّ الشَّخص لا يُبغض شيئًا لنفْسه، فلا يحتاج لذِكْره.
والمَحبَّة عرَّفها أكثَر المتكلمين: بالإِرادة، فقيل: فهي إما اعتقاد النَّفع، أو النَّفع، أو مَيل يَتبع ذلك، أو صفةٌ مخصِّصةٌ لأحد الطَّرفين بالوُقوع.
وقال (ن): أَصْل المحبة المَيْل إلى ما يُوافق المَحبوب، ثم الميْل قد يكون إلى ما يَستلذُّه بحواسِّه كحُسن الصُّورة، أو بعقْله كمحبه الفضْل والكمال، أو لإحسانه إليه، ودفْع المضارِّ.
وقال التَّيْمِي: دلَّك رسول - صلى الله عليه وسلم - على مَعرفة الإيمان من نفْسك، فانظُر فإن اخترتَ لأَخيك في الإسلام ما تَختار لنَفْسك؛ فقد اتصفْتَ بصفة الإيمان، وإنْ فرَّقتَ بينك وبينه في إرادة الخير؛ فلستَ على حقيقة الإيمان، وإذا كان الإيمان مُشتقًّا مِن الأَمْن، فكأنَّه يُؤمِّن أَخاه من الضَّيم والشَّر، وإنما يصحُّ هذا إذا ساوى بينَه وبين نفْسه، فأمَّا إذا كان وُصول الشرِّ إلى أَخيه أَهون عليه من وُصوله إلى نفْسه، أو حصولُه