الأوَّل، فقد أسنَده ابن أبي شَيبة في "مُصنَّفه" كذلك، وتَبويب البُخاري واستِدلاله منطبقٌ عليه، فهو المعروف عن ابن عُمر.
قال ابن جُبَيْر: إنَّه كان ينْزل عن راحلته فيُريق الماءَ، ثُمَّ يَركب، فيقرأُ السجدةَ، فيسجد وما يتوضَّأ، ولكنَّ فُقهاء الأمصار على اشتراط الوُضوء في سُجود التلاوة، وقال: فإنْ أَراد البخاريُّ الاحتجاج لابن عُمر بسُجود المشركين، فلا حُجَّةَ فيه؛ لأنَّ سجودهم لم يكن على وجْهِ العبادة لله، بل لمَّا ألقَى الشَّيطان على لسانه - صلى الله عليه وسلم -: تلْكَ الغَرانِيْقُ العُلا، وإنَّ شَفاعتَها لتُرتَجَى، بعد:{أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى} الآيةَ [النجم: ١٩]، سَجدوا لمَّا سَمعوا تَعظيمَ آلهتهم، فلمَّا عَلِم ما ألقَى الشَّيطانُ على لسانه حَزِنَ، فأنزل الله تعالى:{وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إلا إِذَا تَمَنَّى} الآية [الحج: ٥٢]، فلا يُستنبَط من سُجودهم، والمُشرك يحسِن السُّجود بلا وُضوء، وإن أَراد الرَّدَّ على ابن عُمر بقوله: والمُشرِك نجسٌ ليس له وضوءٌ، فهو أشبَهُ بالصَّواب.
قال (ع): إن حكاية الأخباريِّين ذلك باطلٌ لا يصحُّ نقلًا ولا عقلًا؛ لأنَّ مَدْحَ إلهٍ غير الله كُفرٌ، فلا يُنسَب ذلك للنبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، ولا أنْ يقولَ الشَّيطانُ بلسانه، حاشاه، وإنما سبب سُجودهم ما قاله ابن مَسعود: إنَّها أوَّل سجدةٍ أُنزلت.