عَن أَبِي سَلَمَةَ، وأَبِي عَبْدِ اللهِ الأَغَرِّ، عَن أَبِي هُريرةَ - رضي الله عنه -: أَنَّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ يَنْزِلُ رَبنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى السَّمَاءَ الدُّنْيَا حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الآخِرُ يَقُولُ: مَنْ يَدْعُوني فَأسْتَجيبَ لَهُ؟ مَنْ يَسْألنِي فَأُعْطِيَهُ؟ مَنْ يَسْتَغْفِرُني فَأَغْفِرَ لَهُ؟ ".
(عن أبي عبد الله الأغر) كنَّاه احترازًا عن أبي مُسلِم الأَغَرِّ، يرويان عن أبي هريرة.
قال الغَسَّانِي: ومنهم مَنْ جعلهما كذلك واحدًا.
(ينزل) هو من المُتشابه، بفتح أوَّله لتنزُّهه تعالى عن الحرَكة، وما يليق بالأجْسام، وفيه الطَّريقان: التَّفويض مع التَّنزيه، والتَّأويل.
قال (خ): ولما سُئل عن ذلك ابن المُبارك قال بالفارسيَّة: ينزل كما يشاء، فقيل: يَنزل أمرُه، أو ملائكتُه، قيل: استعارةٌ، أي: التلطُّف بالدَّاعِين والإجابة لهم، وقال: البَيْضَاوي: المراد دُنوُّ رحمته، وقد رُوي: "يَهبِطُ من السَّماء العُليا إلى السَّماء الدنيا"، أي: ينتقل من صفات الجلال التي تقتضي الأنَفة من الأَراذل، وقَهْر الأعداء، والانتقام من العُصاة إلى مقتضى الإكرام للرأْفة والرَّحمة والعفْو، وقيل: إنما هو (يُنزَل) بضمِّ أوله، فمفعوله محذوف، أي: يُنزِل ملَكًا، ورواية الحذْف يُحمل عليها على حذْف مضاف كما سبق، نحو:{وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ}[يوسف: ٨٢]، ويؤيِّده رواية النَّسائي:(أمَرَ اللهُ ملَكًا يُنادي).