للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال (ط): إنه بالفارسيَّة كقول الشاعر:

حَنَّتْ قَلُوصِي إِلى بَابُوسِها جَزَعًا

وآخرُه مضمومٌ؛ لأنه مُنادَى مَعرِفةٌ، فإنْ صحَّتْ رواية كسْر السِّين تكون مُنادى مضافٌ لـ (بُوْس)، أي: يا أَبا الشِّدَّة.

قال (ن): فيه أنَّه آثَر الصَّلاة على إجابة الأُمِّ فاستَجاب الله تعالى، فدلَّ أن الأفضلَ كان إجابتُها؛ لأن الاستمرار في صلاة النَّفْل تطوُّعٌ، وإجابةُ الأُمِّ من البِرِّ الواجب، وكان يُمكنُه أن يُخفِّف ويُجيبها، ولعلَّه خَشي أن تَدعُوَه إلى مُفارقة صَومعته، والعَود إلى الدُّنيا وتعلُّقاتها.

وفيه عِظَمُ بِرِّ الوالدَين وأنَّ دُعاءَهما مُجابٌ، والبِداءَة بالأَهمِّ في الأُمور إذا تعارضَتْ، وأن الله يَجعل لأوليائه مَخارِج عند ابتلائهم غالبًا، {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا} [الطلاق: ٢]، وقد لا يَجعَل تهذيبًا لهم ولُطفًا، وإثباتُ كرامات الأَولياء.

وقال (ط): يُمكن أن يكون نبَيًّا، فيكون ذلك معجزةً، وأنه لم يكن الكلام في الصلاة مَمنوعًا في شريعته، فلمَّا لم يُجب استُجيب دعاؤها، وفي شَرْعنا لا يجوز قَطْع الصلاة لإجابة الأُمِّ؛ إذ لا طاعةَ لمخلوقٍ في مَعصية الخالِق، ثم إنَّ الله تعالى عاقَبَ جُرَيجًا على تَرْك الإجابة بما ابتَلاه به، ثم تفضَّل عليه بما آثَر من التِزام الخشوع، فجعَل له آيةً من كلام الطِّفْل، فخلَّصَه.

* * *