للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

كما في حديث: "فإِنَّ الله لا يَمَلُّ حتى تملُّوا"؛ أي: لا يترُك ثوابَه حتى تقطَعوا عِبادتَه.

(كَهَيْئَتِكَ)؛ أي: كحالتِك، فلا بُدَّ من تأْويلٍ في أَحد طرَفي المُشبَّه والمشبَّه به، أي: ليستْ هيئتُنا كهيئتك، أو لسْنا كمِثْلك، أي: كذاتِك، أو كنفْسك، وزِيْدَ لفْظ: الهيئة للتأْكيد نحو: مِثْلُك لا يَبخَل.

واعلم أنَّ مُرادهم بهذا الكلام طلَب الإِذْن في الزِّيادة من العِبادة، والرَّغْبة في الخير، كأنَّهم يقولون: أنْتَ مَغفور لك، لا تحتاج إلى عملٍ، ومع ذلك أنْت مُواظِبٌ على الأَعمال، فكيف بنا وذُنوبنا كثيرةٌ؟ فردَّ عليهم، وقال: أَنا أَولى بالعمَل؛ لأَنِّي أَعلَمُكم، وأَخشاكُم لله.

(قَدْ غَفَرَ اللَّهَ لَكَ)؛ أي: لقوله تعالى: {لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ} [الفتح: ٢].

ومعنى الغُفران له مع أنَّه معصومٌ: قال (ك): أي: للذَّنْب الذي قبْل النُّبوَّة المتقدِّم بعضُه على بعضٍ، أو تَرْك الأَولى، أو نسَب إليه ذَنْبَ قَومه.

قلتُ: كلُّ هذه ضعيفةٌ، والصَّواب: أنَّ معنى الغُفران للأنبياء الإِحالة بين الأنبياء وبين الذُّنوب، فلا يصدُر منهم ذنبٌ؛ لأنَّ الغَفْر هو السَّتْر، فالسَّتْر إما بين العبْد والذَّنْب، وإما بين الذَّنْب وبين عُقوبته، فاللائق بالأنْبياء القسم الأول، واللائق بالأُمَم الثاني.

(فغضب)، وفي بعضها: (فيَغضبُ) بالمضارع بمعنى الماضي؛