يُتلِفَ أَمْوَالَ النَّاسِ، قَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ أَخَذَ أَمْوَالَ النَّاسِ يُرِيدُ إِتْلَافَهَا أتلَفَهُ اللهُ"، إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَعْرُوفًا بِالصَّبْرِ فَيُؤثِرَ عَلَى نَفْسِهِ وَلَوْ كَانَ بِهِ خَصَاصَةٌ كفِعْلِ أَبِي بَكْرٍ - رضي الله عنه - حِينَ تَصَدَّقَ بِمَالِهِ، وَكَذَلِكَ آثَرَ الأَنْصَارُ الْمُهَاجِرِينَ، وَنهى النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ إضَاعَةِ الْمَالِ، فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُضَيِّعَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِعِلَّةِ الصَّدَقَةِ.
وَقَالَ كعْبٌ - رضي الله عنه -: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللهِ! إِنَّ مِنْ تَوْبتَيِ أَنْ أَنْخَلِعَ مِنْ مَالِي صَدَقَةً إِلَى اللهِ وإِلَى رَسُولِهِ - صلى الله عليه وسلم -، قَالَ:"أَمْسِكْ عَلَيْكَ بَعْضَ مَالِكَ، فَهْوَ خَيْرٌ لَكَ"، قُلْتُ: فَإِنِّي أُمْسِكُ سَهْمِي الَّذِي بِخَيْبَرَ.
(باب: لا صدَقةَ إلا عَنْ ظَهْر غِنًى)
(فالدين أحق) هو جواب الشرط، لكنْ لبعض السَّابِق، فجواب الباقي محذوفٌ، والأصل: فهو وأهلُه والدَّين أحقُّ، كما أنَّ في الجَواب ما لم يسبق له شَرطٌ، وهو قوله:(والعتق والهبة)، وكلُّ ذلك لظُهور المعنى المقصود.
(رد)؛ أي: لا يُقبل؛ لأن قضاء الدَّين واجبٌ، والصَّدقة تطوُّعٌ، فهو داخلٌ بأخْذه الدَّين ولا يَجِدُ ما يَقضيه تحت وَعِيْد:"مَن أخَذَ أموالَ النَّاسِ"، ولذلك عقَّبه بقوله:(قال النبي - صلى الله عليه وسلم -) الحديثَ، وصلَه البخاري في (باب الاستقراض).
(إلا أن يكون معروفًا) هو استثناءٌ من التَّرجمة، أو من قوله:(ومَن تَصدَّق)، والمعنى: أن الضَّارَّ له أن يُؤثر على نفسه ويتصدَّق،