وفيه أنه لا يُصعد عن الجذَعة إلى سِنٍّ فوقَها مع أخْذ جُبرانٍ من الساعي؛ لأنها أعلى السِّن الواجب؛ لأنها نهاية الإبل في الحُسْن والدَّرِّ والنَّسْل والقُوَّة، وما بعدها رجوعٌ كالكِبَر والهرَم.
قلت: هذا على ما حسَّنه الرافعي، لكن الذي في "الروضة" وِفاقًا للجمهور: جَواز الصُّعود للثَّنَيَّة، أما بنتُ المخاض إذا فُقدت فلا نُزولَ منها إلى الفَصِيل اتفاقًا؛ لأن سِنَّ بنت المخاض أوَّل الانتفاع بالإبل، وما دونه لا انتفاعَ به غالبًا، ولهذا كانت أولَ الأسنان المُخرَجة في الزكاة.
وفيه أنه لا يصعد ولا ينزل عند وجود الفَريضة، وأن الخيارَ في الشاتين والعشرين للمُعطي، سواءٌ كان المالكَ أو السَّاعيَ، وأن كلًّا من الشاتين والعشرين درهمًا أصلٌ في نفسه لا بدلٌ؛ لأنه قد خُيِّر فيهما، وكان معلومًا لا يجري مجرى تعديل القيمة لاختلاف ذلك في الأزمنة، فهو تعويضٌ قَدَّرَهُ الشارع كالشاة في المُصَرَّاة، والغُرَّة في الجَنين؛ لتعذُّر الوقوف في مثل ذلك على مبلغ الاستحقاق، ولو نزلت إلى ما يَتداعاه الخصْمان لطال النِّزاع، بل والغالِب في الصدقة أن تُؤخذ على المياه، وفي البوادي، ولا سُوقَ هناك، ولا مُقوِّمَ يُرجع إليه فَقُدِّر هذا لقطْع النِّزاع، وإنما لم يُقرَّر مع ابن اللَّبون عن بنت المخاض