(خضرة حلوة) أُنِّثَا مع أنَّ المال يُذكَّر باعتبار أنه زَهْرة الدُّنيا، وخصَّ لَون الخُضرة؛ لأنه أحسَن الألوان، وقال (خ): باعتبار أنَّ صورةَ الدُّنيا حسَنة المنْظَر مُونَقةٌ تُعجِب النَّاظِر، والعرَب تُسمِّي المشْرق خَضِرًا تَشبيهًا له بالنَّبات الأخضَر، وقيل: وبه سُمِّي الخَضِر - عليه السلام - لحُسْنه وإشراق وجْهِه.
قال (ط): أو باعتبار البَقْلة شُبِّهت بالخَضِرة كما تقول للسُّجود حسَنةٌ، أي: فِعْلةٌ حسَنةٌ.
قال (ك): ووجْهٌ رابعٌ: أن التَّاء للمُبالَغة كَرَاويةٍ وعَلَّامةٍ.
قال (خ): فشُبِّه المُستكثِر من الدُّنيا الحَريص عليها بالتي استحلَتْ نبَات الرَّبيع لنُعومته، فاستكثَرتْ منه، وكان سبَبًا لهلاكها، والمُقْتصِد في الدُّنيا القانِع منها بقدْر الكفاية بآكِلَةِ الخَضِر، وهو من كَلأ الصَّيف، ولا تَستكثِرُ منه الماشية، بل تَرتعَ شيئًا فشيئًا، وجعل ما يكون من ثَلَطِها وبولها مثلًا لِمَا يصرفه من المال في الحقوق، والحاصل أن جمع المال غير محرَّمٍ، ولكن الاستكثار منه مع البُخل مذمومٌ، والاقتصاد محمودٌ، وصَرْفه في وُجوه الخير كذلك.
وقال (ط): يعني أن المال يُعجِب الناظرين إليه، ويحلُو في أعينهم فيدعُوهم حُسْنُه للاستكثار، فتضرَّروا به، كالماشية إذا استكثَرتْ من المَرْعَى ثلَطَتْ، وردَّه (ك) بأنَّه لا يبقى حينئذٍ لاستثناء