ولكنْ إذا أصابَه في إحرامه ناسيًا أو جاهلًا فلا كفارةَ عليه، وكذا إذا كان عليه مَخِيْطٌ فنَزَعه ولا كفارةَ؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - لم يأْمره بكفارةٍ، وقال الشَّعْبِي: يَلزَمه شَقُّ الثَّوب، ولا يجوز إخراجُه من رأْسه لئلا يكون مُغطِّيًا رأْسَه، وفيه أن العُمرة كالحجِّ في اجتناب المُحرَّمات، ويحتمل أنَّه أَرادَ مع ذلك الطَّوافَ والسَّعْيَ والحَلْقَ بصفاتها، ويُخصُّ منها ما يختصُّ بالحجِّ كالوُقوف، وظاهِر الحديث أنَّ السَّائل كان عارِفًا بالحجَّ دون العُمرة، وأن المعنى إذا لم يُعلَم يقِفُ حتَّى يَعلَم، وأن مِن الأحكام ما لا يُتْلَى فيه الوحْي، وأمَرَه بالثَّلاث للمُبالغة في إزالة أثَر الطِّيْب، ويحتمل أنَّ (ثلاثًا) يتعلَّق بالقَول، أي: قالَه ذلك ثلاثًا، وإدْخالُ يَعْلَى رأْسَه، وإِذْنُ عُمر له محمولٌ على علْمهما أنَّه - صلى الله عليه وسلم - لا يَكْره الاطَّلاع عليه في ذلك الوقْت؛ لأن فيه تقويةَ الإيمان بمشاهدة حالةِ الوحي الكريم، انتهى.
فتبويب البُخاريِّ بغَسْل الخَلُوق ثلاثًا إنما هو على أنَّ (ثلاثًا) راجِعٌ للغَسل.
قال الإِسْماعِيْلي: ليس في الخبَر أنَّ الخَلُوق كان في الثَّوب؛ إذْ لا يُقال لمن طيَّبَ ثَوبه أو صَبَغه به: تضمَّخ، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "اغْسِلْ الطِّيْب الذي بكَ ثلاثَ مرَّاتٍ" يُعيِّن أن الطِّيْب لم يكن في ثَوبه، بل في بدَنه، وإلا لكان في نزَعْ الجُبَّة كفايةٌ.