للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وَإِنَّ الله أَنْزَلَ الطَّوَافَ بِالْبَيْتِ، فَلَمْ يَذْكرِ الصَّفَا، فَهَلْ عَلَيْنَا مِنْ حَرَجٍ أَنْ نطَّوَّفَ بِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ؟ فَأنْزَلَ الله تَعَالَى: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} الآيَةَ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَأَسْمَعُ هَذِهِ الآيَةَ نزَلَتْ فِي الْفَرِيقَيْنِ كلَيْهِمَا؛ فِي الَّذِينَ كَانُوا يَتَحَرَّجُونَ أَنْ يَطُوفُوا بِالْجَاهِلِيَّةَ بِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، وَالَّذِينَ يَطُوفُونَ ثُمَّ تَحَرَّجُوا أَنْ يَطُوفُوا بِهِمَا فِي الإسْلَامِ مِنْ أَجْلِ أَنَّ الله تَعَالَى أَمَرَ بِالطَّوَافِ بِالْبَيْتِ، وَلَمْ يَذْكُرِ الصَّفَا حَتَّى ذَكَرَ ذَلِكَ بَعْدَ مَا ذَكرَ الطَّوَافَ بِالْبَيْتِ.

(أرأيت)؛ أي: أخبرْني عن هذه الآية؛ إذ مفهومها عدَم وُجوب السَّعي بينهما؛ لأن فيها نفْي الجُناح، وهو الإثم في الطّواف بهما، فمِنْ أين الإثْم في ترك ذلك؟، فأجابته بأنه: (لو كانت كما أولتها عليه كان: لا جناح عليه أن لا يطوف)؛ أي: فكان ينتَفي الإثم عمَّن لم يطُف، فيُعرف أنه غير واجبٍ.

قال (ن): وهذا من بَدِيْع عِلْمها، وثاقِب فهمها، وكثرة معرفتها بدقائق الألفاظ؛ لأن الآية دلَّتْ على رفْع الجُناح عن الطائف، فلا دلالةَ فيها لا على الوُجوب، ولا على عدَمه، وبَيَّنت السبَبَ في نُزولها، والحكمةَ في نظْمها، وقد يكون الفعل واجبًا، ويعتقدُ الإنسان أنه يمتنع إيقاعه على صفةٍ مخصوصةٍ، كمَنْ عليه صلاة الظُّهر فظنَّ أنه لا يجوز فعْلُها عند الغُروب، فسأَل، فقيل في جوابه: لا جُناحَ عليك إنْ صلَّيتَها في هذا الوقت، فإنَّ الجَواب صحيحٌ، ولا يقتضي نفْيَ