للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

السلام- سمحةٌ؛ لمُخالفتها ما كان في بني إسرائيل، وتكلُّف أَحبارهم ورهبانهم من الشَّدائد.

و (أحبُّ) بمعنى محبوب، لا بمعنى مُحِبٍّ، وإنما أَخبر عنه -وهو مذكَّرٌ- بمؤنَّثٍ وهو الحنيفية؛ لغلَبة الاسميَّة عليها؛ لأنَّها علَمٌ على الدِّين، أو لأنَّ أَفْعل التفضيل المضاف يجوز إفراده ومُطابقته، فلا منْعَ من أنَّ الملَّة والدِّين واحدٌ وإن كان بعضُهم غايَرَ بينهما.

فإن قيل: أَفْعل التفضيل تقتضي المُشاركة، فيَلزم أنْ يكون كلُّ دِينٍ محبوبًا لله تعالى، وليس الدّين الباطِل من ذلك قطعًا؟

قيل: هو موقوفٌ على تفسير المَحبَّة، وسبَق، وسيأتي أنَّ المراد بالدِّين الطاعة، أي: أحبُّ الطاعات السَّمحة.

ووجْهُ إِيرادِ هذا الحديث هنا: أنَّ في السَّماحة تيسيرَ الأمر على العِباد، وقصْد الترجمة أنَّ الذي يتصِف باليُسر والعُسر الأعمال دون التَّصديق، ولذلك قال في الحديث الآتي: "وشَيءٍ مِنَ الدُّلْجةِ"؛ لأنَّ سَيرَ الليلِ كلَّه يشُقُّ على الإنسان.

* * *

٣٩ - حَدَّثَنَا عَبْدُ السَّلَامِ بْنُ مُطَهَّرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ عَلِيٍّ، عَنْ مَعْنِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْغِفَارِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "إِنَّ الدِّينَ يُسْرٌ، وَلَنْ يُشَادَّ الدّينَ أَحَد إِلَّا غَلَبَهُ، فَسَدِّدُوا وَقَارِبُوا وَأَبْشِرُوا، وَاسْتَعِينُوا بِالغَدْوَةِ وَالرَّوْحَةِ وَشَيْءٍ مِنَ الدُّلْجَةِ".