للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قَوْمٌ يُبسُّونَ، فَيَتَحَمَّلُونَ بِأَهْلِيهِمْ وَمَنْ أَطَاعَهُمْ، وَالْمَدِينَةُ خَيْرٌ لَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ".

الحديث الثاني:

(يُبسون) بمثنَّاةٍ مضمومةٍ، ثم موحَّدةٍ مكسورةٍ، وسين مهملةٍ رُباعيًّا، وبفتْح أوله، وكسْر ثانيه ثُلاثيًّا، قال ابن مالك: أي: يَسيرون، وحكَى (ط) عن أبي عُبَيد: أن أهل اليمَن إذا ساقُوا حمارًا وغيرَه يقولون: بَسْ بَسْ، وفيه لُغتان مشهورتان: بَسَّ وأَبَسَّ، وقال الحَرْبي: بَسَسْتُ الغنَم: دعَوتُها، فالمعنى: يَدعُون النَّاسَ إلى بلاد الخِصْب، وهذا أليَقُ بمعنى الحديث، أي: يسُوقون أموالَهم، وهو أحَد الأقوال في قوله تعالى: {وَبُسَّتِ الْجِبَالُ بَسًّا} [الواقعة: ٥]، أي: سِيْقت، كما قال تعالى: {وَسُيِّرَتِ الْجِبَالُ} [النبأ: ٢٠]، والمعنى: أنَّهم يتحمَّلون من المدينة إلى هذه البلاد المُفتَتحة لسَعَة العَيْش.

فالمراد: أن المدينة خيرٌ لهم؛ لأنها حَرَمُ الرسول - صلى الله عليه وسلم -، ومَهْبط الوَحْي، ومَنْزِل البركات.

وجواب (لَو) محذوفٌ دلَّ عليه ما قبلَه، أي: لو كانوا من أَهل العِلْم لعرَفوا ذلك، ولَمَا فارَقُوا المدينة، أو هي للتَّمنِّي فلا جوابَ لها.

وفيه مُعجزةٌ للنبي - صلى الله عليه وسلم - في إخباره بفتح هذه الأقاليم، وأنَّ الناس يتحمَّلون بأهاليهم، ويُفارِقون المدينة، وأنَّ هذه الأقاليم تُفتَح على هذا الترتيب، ووُجِد جميع ذلك.