للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الحديث الأول، والثاني:

(تجاوَزَ لي)؛ أي: لأَجْلي.

(ما وسوست به صُدورهما) بالضمِّ، ورواه الأَصِيْلي بالفتح، ووسْوَسَت على هذا بمعنى: حدَّثَتْ، فهو كالرِّواية الأُخرى: (ما حدَّثَتْ به أنفُسَها) بالنَّصب، مفعول، أي: قُلُوبَها، ويدلُّ عليه قوله: (إنَّ أحَدَنا يُحدِّثُ نفْسَه)، وأهل اللُّغة يقولون: أنْفسُها، برفع السين، يُريدون بغير اختيارٍ، كقوله تعالى: {وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ} [ق: ١٦].

(ما لم تعمل)؛ أي: في العمَليَّات.

(أو تتكلم) في القَوليَّات، وعزْمُ القَلْب على المعصية، وسائرُ أعمال القُلوب كالحسَد مؤاخَذ عليه وإنْ لم يَعمل، ويُؤاخذ باتِّباعه الفاحشَةَ إذا وطَّن نفْسَه عليه، والذي في الحديث هو ما لم يُوطن عليه نفْسَه، إنما يمرُّ بفِكْره دون استِقْرارٍ، ويُسمَّى هذا همًّا لا عزْمًا، ويجب حَمْل: (ما لم تعمَلْ) على غير الموطَّن في الصَّدْر جَمْعًا بينه وبين ما يدلُّ على المُؤاخَذة، كقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ} [النور: ١٩]، وأيضًا لفْظ: (الوَسوسَة) لا يُستعمل إلا عند التردُّد والتزلزُل.

ووجه تعلُّق الحديث بالتَّرجمة القِياس على الوَسْوسة، فكما لا يُعتبر عند عدَم التَّوطين، فكذا العمَل والتكلُّم، والنَّاسي والمُخطِئ لا تَوطينَ لهما.

* * *