(فصلت الهدية) من الفَصْل، وفي بعضها:(وصلَت) بالواو، ومعناهما القبض، فالواصِل بالنَّظَر للمُهدَى له، والفَصْل بالنَّظَر للمُهدي؛ لأنَّ حقيقة الإقْباض لا بُدَّ لها من فَصْل الموهوب عن الواهِب، ووصلِه للمُتَّهِب.
قال مالك وأحمد: تتمُّ الهبَة بالكلام دون القَبض كالبيع، والشَّافعي، وأبو حنيفة: لا تتمُّ إلا بالقَبْض.
* * *
٢٥٩٨ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُنْكَدِرِ، سَمِعْتُ جَابِرًا - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ لِي النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "لَوْ جَاءَ مَالُ الْبَحْرَيْنِ أَعْطَيْتُكَ هَكَذَا، ثَلَاثًا"، فَلَمْ يَقْدَمْ حَتَّى تُوُفِّي النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -، فَأمَرَ أَبُو بَكْرٍ مُنَادِيًا فَنَادَى: مَنْ كَانَ لَهُ عِنْدَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - عِدَةٌ أَوْ دينٌ فَلْيَأْتِنَا، فَأتَيْتُهُ فَقُلْتُ: إِنَّ النَّبِي - صلى الله عليه وسلم - وَعَدَنِي، فَحَثَى لِي ثَلَاثًا.
(ثلاثًا)؛ أي: ثلاثَ حَثَياتٍ، وسبق في (الكفالة) أنَّ كلَّ حثْيةٍ كانت خمس مائةٍ، وفعْل الصِّدِّيق كان تطوُّعًا ليس بلازمٍ لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولا قضَى أبو بكر شيئًا منها، بل فعلَه اقتداءً برسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ومتابعةً لفعله؛ إذْ كان أوفَى الناس بعدَه، وأصدقَهم بوعده.