(جُنة) بضم الجيم، أي: كالتُّرس يقاتل مِن ورائِه، أي: يقاتل معه الكفارَ والبغاةَ، ويُنصَر عليهم، ويُتَّقَى به شَرُّ العدوِّ، وأهلِ الفسادِ والظلمِ، فإنه الذي يمنع الأعداءَ من الإيذاء، ويحمي بَيْضَةَ الإسلام، ويَتَّقي منه الناسُ، ويخافون سَطْوَتَه.
وأيضًا: المتأخِّر صورةً قد يكونُ مُتَقَدِّمًا معنىً.
(من ورائه) ظاهرُه بمعنى خَلْف، لكنها قد استُعمِلَت بمعنى أمام، كقوله تعالى:{وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ}[الكهف:٧٩]، وعليها حَمَل المُهَلَّبُ الحديثَ.
(وإن قال لغيره)؛ أي: حَكَمَ، قيل: إنه مشتقٌ من القِيْلِ -بفتحِ القافِ، وسكونِ التَّحْتَانِيَّة- وهو الْمَلِكُ الذي ينفذ قولُه وحكُمه.
(فإن عليه منة)؛ أي: الوَبَالُ الحاصِلُ منه عليه، لا على المَأمورِ، ويحتمل أن يُرادَ: أنَّ بعضَه عليه، وجاء في بعض طرقه:(فإن عليه وزر)، أو كأنه حُذِفَ من الرواية المشهورة لدلالة ما قبلَه عليه، ويحكى: أنَّ الحَسَنَ والشَّعْبِيَّ حَضَرا مجلسَ عَمْرِو بْنِ هُبَيْرَةَ، فقال لهما: إن أميرَ المؤمنين يَكتب إليَّ في أمورٍ فما تَرَيَان؟ فقال الشَّعْبِيُّ: أَصْلَحَ اللهُ الأميرَ، أنتَ مَأمورٌ، والتَّبِعَةُ على آمِرِكَ، وقال الحَسَنُ: إذا خرجتَ من سعَةَ قَصْرِكَ إلى ضيقِ قبرِكَ فإنَّ اللهَ تعالى يُنجيْكَ من الآمِر، وإنَّه لا يُنجيك من الله تعالى.