للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

مكتُوبًا على الخَلْق مرفوعًا عن خبَر إدراكهم.

(فوق العرش) قال (خ): قال بعضهم: أي: دُونه؛ استِعظامًا أن يكون شيءٌ من الخلْق فوق العرش (١)، كما في قوله تعالى: {بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا} [البقرة: ٢٦] أي: فما هو أصغَر منها، وقيل: (فوق) زائدةٌ، كما في: {فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ} [النساء: ١١].

والأحسن أن يُقال: أراد بالكتاب أحدَ شيئَين:

إما: القَضاء الذي قَضاه، وأحبَّه، والمعنى: فعلم ذلك عنده فوق العرش كما قال: {عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي فِي كِتَابٍ} [طه: ٥٢].

وإما: اللَّوح المَحفوظ الذي فيه ذِكْر الخلائق وأحوالهم، فالمعنى: أنَّ ذِكْره، أو عِلْمَه عنده فَوق العَرْش، هذا مع أنَّه لا محذورَ أنْ يكون كتابٌ فوق العَرْش.

(إن رحمتي غلبت) هذا تفسيرٌ للمَكتوب، وهو إشارةٌ إلى سَعَة رحمة الله تعالى، وشُمولها الخلْق، وكأنَّها الغالِب، كما يُقال: غلَب على فُلانٍ الكرَمُ، أي: كان أكثَرَ أفعاله.

والرَّحمة والغضَب وإنْ كانت حقيقتُهما محالةً على الله تعالى، والمُراد لازِمُهما، إما وصفُ ذاتٍ، وهو إرادة الخَير والشَّرِّ، فالسَّبْق حينئذٍ باعتبار التعلُّق، أي: تعلُّق الرَّحمة سابقٌ على تعلُّق الغضَب، وإما صفة فعلٍ هي الإحسان، أو الانتِقام، فهما وصفان للأفعال، لا امتناعَ في


(١) "فوق العرش" ليس في الأصل.