الحِجَّة، وكانت تلك السنة أقصَى الدَّوَران، فيكون الحجُّ في ذي الحِجَّة كما كان في ابتداء خلْق السماوات والأرض بهدايةِ الله تعالى نبيَّه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إلى ذلك، وحمايتِه من بِدَعهم كما فُعل معه في غير ذلك.
(ثلاث) لم يقُل ثلاثة مع أن التَّمييز شهر، إمَّا باعتِبار لفْظ: غرّة، أو اللَّيلة، أو أنَّ العدَو إذا لم يُذكَر تمييزُه يجوز فيه الوَجْهان.
(ورجب مُضَر) بضم الميم، وفتح المعجمة، والراء: القَبيلة المشهورة، أُضيف رجَب إليهم؛ لأنهم كانوا يُحافظون على تحريمه أشدَّ من سائر العرَب، ووصفَه بأنه:(الذي بين جمادى وشعبان) تأكيدًا، أو إزاحةً للرَّيب الجاري فيه من النَّسيء، فكأنه قال: رجَب الحقيقي لا الذي نسَأْتُموه، وأخرَّتموه.
قال في "الكشَّاف": النَّسيء تأْخيرُ حُرمة شهرٍ إلى شهر آخر، كانوا يُحلُّون الشهر الحرام، ويحرِّمون مكانه شهرًا آخر، حتَّى رفضُوا تخصيص الأشهُر الحرُم، فحرَّموا من العام أربعة أشهرٍ مُطلَقًا، وربما زادوا في الشُّهور فيجعلونها ثلاثةَ عشَر شهرًا، أو أربعةَ عشَر، والمعنى: رجعَتْ الأشهر الحرُم إلى ما كانت عليه، والحجُّ إلى ذي الحِجَّة، وبطَلَ النَّسيء، فحجَّ عيَهيمْ في ذي الحِجَّة، وحجَّ أبو بكر قبْله في ذي القَعدة.