للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

"يَأتِي الشَّيْطَانُ أَحَدَكُم فَيقُولُ: مَنْ خَلَقَ كَذَا؟ مَنْ خَلَقَ كَذَا؟ حَتَّى يَقُولَ: مَنْ خَلَقَ رَبَّكَ؟ فَإِذَا بَلَغَهُ فَلْيَسْتَعِذْ بِاللهِ، وَلْينْتَهِ".

الثامن:

(فليستعذ)؛ أي: فليَستعِذ بالله بالإعراض عن الشُّبُهات الواهيَة الشَّيْطانية.

(ولينته)؛ أي: بإثْبات البَراهين القاطِعة الحقَّانيَّة على أنْ لا خالقَ له تعالى بإبْطال التَّسلسُل ونحوه.

وقال الطِّيْبِي: أي: لِيَتْرُك التَّورُّط في هذا الخاطِر، وليَستَعِذْ بالله في وَسْوَسة الشَّيطان، كان لم يَزُل التفكُّر بالاستعاذة فليقُم، وليَستعذ بأمرٍ آخر.

وإنما أمره بذلك ولم يأمر بالتأمُّل والحِجاج والاحتِجاج؛ لأنَّ العِلْم باستغنائه تعالى عن المُوجِد أمرٌ ضروريٌّ لا يقبل المناظَرة له.

وعليه قال (خ): لو أذِن النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - في محاجَّته لكان الجواب سهلًا على كل مُوحِّدٍ، ولكان الجواب مأْخوذًا من فَخوى كلامهم، فإنَّ أول الكلام يُناقِض آخره؛ لأن جميع المَخلوقات داخلةٌ تحت اسم الخَلْق، ولو جاز أن يُقال: مَن خلَق الخالقَ لأَدَّى إلى ما لا يتناهى، ولأنَّ السبَب في مثله إحساسُ المرء في عالم الحِسِّ، وما دام هو كذلك لا يَزيدُ فكرهُ إلا زَيْغًا عن الحقِّ، ومن كان هذا حالَه فلا عِلاجَ