فَانْطَلَقَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إِلَى عَمَلِهِ، وَكَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إِذَا سَارَ في أَرْضِهِ كَانَ قَرِيبًا مِنْ صَاحِبِهِ، أَحْدَثَ بِهِ عَهْدًا، فَسَلَّمَ عَلَيْهِ، فَسَارَ مُعَاذٌ في أَرْضِهِ قَرِيبًا مِنْ صَاحِبِهِ أَبِي مُوسَى، فَجَاءَ يَسِيرُ عَلَى بَغْلَتِهِ حَتَّى انْتَهَى إِلَيْهِ، وَإِذَا هُوَ جَالِسٌ، وَقَدِ اجْتَمَعَ إِلَيْهِ النَّاسُ، وَإِذَا رَجُلٌ عِنْدَهُ قَدْ جُمِعَتْ يَدَاهُ إِلَى عُنُقِهِ، فَقَالَ لَهُ مُعَاذٌ: يَا عَبْدَ اللهِ بْنَ قَيْسٍ! أَيَّمَ هَذَا؟ قَالَ: هَذَا رَجُلٌ كفَرَ بَعْدَ إِسْلَامِهِ، قَالَ: لَا أَنْزِلُ حَتَّى يُقْتَلَ، قَالَ: إِنَّمَا جِيءَ بِهِ لِذَلِكَ، فَانْزِلْ، قَالَ: مَا أَنْزِلُ حَتَّى يُقْتَلَ، فَأَمَرَ بِهِ فَقُتِلَ، ثُمَّ نزَلَ، فَقَالَ: يَا عَبْدَ اللهِ! كيْفَ تَقْرَأُ القُرْآنَ؟ قَالَ: أَتَفَوَّقُهُ تَفَوُّقًا، قَالَ: فَكَيْفَ تَقْرَأُ أَنْتَ يَا مُعَاذُ؟ قَالَ: أَنَامُ أَوَّلَ اللَّيْلِ، فَأَقُومُ وَقَدْ قَضَيْتُ جُزْئِي مِنَ النَّوْمِ، فَأَقْرَأُ مَا كتَبَ اللهُ لِي، فَأَحْتَسِبُ نَوْمَتِي، كَمَا أَحْتَسِبُ قَوْمَتِي.
الحديث الأول:
(مِخْلاف) بكسر الميم، وسُكون المعجمة: هو لليَمَن كالرِّيف للعِراق، أي: الرُّسْتاق، والمَخالِيْف: الرَّسَاتيق.
(إلى عمله)؛ أي: إلى مَوضع عمَله.
(أحدث به عهدًا)؛ أي: جدَّد عَهْد الصُّحبة.
(أيّما هذا)؛ أي: أيُّ رجلٍ هذا المجموعُ اليَدِ، فزِيدتْ (ما) على (أيُّ)، وربَّما سقَطت الألف، فيُقال: أيُّم، وقد تخفَّف الياء.
(أتفوّقه)؛ أي: أقرأَ شيئًا بعد شيءٍ في آناء اللَّيل، وأطراف
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute