فَأَعْطَاهُ، ثُمِّ سَأَلهُ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهِ، فَقَامَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - لِيُصَلِّيَ، فَقَامَ عُمَرُ، فَأَخَذ بِثَوْب رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ! تُصَلِّي عَلَيْهِ، وَقَدْ نهاكَ رَبُّكَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلَيْهِ؟! فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:"إِنَّمَا خَيَّرَنِي اللهُ فَقَالَ: {اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لَا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً}، وَسأَزِيدُهُ عَلَى السَّبْعِينَ". قَالَ: إِنَّهُ مُنَافِقٌ. قَالَ: فَصَلَّى عَلَيْهِ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَأَنْزَلَ اللهُ:{وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ}.
الحديث الأول:
(فأعطاه)؛ أي: مكافأة له على ما أعطَى يوم بدْرٍ قميصًا للعبَّاس، حتى لا يكون للمُنافق عليه مِنَّةٌ.
(وقد نهاك ربك أن تصلي عليه)؛ أي: لا بقوله تعالى: {وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ}[التوبة: ٨٤]، فإنها إنما أُنزلت بعدُ كما صرَّح به في آخِر الحديث، حتى جعَل بعضُهم ذلك وهمًا في الحديث، وأنَّ حديث ابن عبَّاس الآتي ليس فيه:(وقَدْ نَهاكَ اللهُ)، بل ولا في طريقٍ آخر عن ابن عُمر، بل يُقال: لعلَّ عُمر - رضي الله عنه - إنما فَهِم النَّهي من قوله تعالى:{مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ}[التوبة: ١١٣]، أو من قوله تعالى:{إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ}[التوبة: ٨٠]؛ فإنَّه إذا لم يكُن للاستغفار فائدةٌ كان عبَثًا، وهو منهيٌّ عنه.
(وسأزيده) حمل صلى الله عليه وسلم عدَد السَّبعين على حقيقته، وعُمر حملَه