للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فإن قيل: إذا كان محفوظًا في الصُّدور فما الحاجة إلى استخراجه من الرقاع ونحو ذلك؟، فجوابه: أنَّ ذلك استظهارٌ.

فإنْ قيل: فما معنى قول زيد: لم أَجدْهما إلا مع خُزيمة؟، قيل: ما سبَق أنَّهما لم يكونا محفوظتَين فيما بلَغ زيدًا إلا لخُزَيمة، وذلك لقُرب العَهْد بنُزولها، فألحقها زيا بآخِر السُّورة، وإذًا وافق ذلك المَكتوبَ في الظُّروف.

وأما الذي اعتمدَه الفقهاء في جمْع القرآن فهو أن جميع ما وُضع بين الدُّفَّتين إنما كان عن اتفاق الشَّيخين، ووافقَهما عُثمان عليه، وكان زيدٌ كاتبَ الوحي، وهو الذي وَلِيَ الجَمْع، ثم اتفاق المَلأ من الصحابة على أن ما بين الدُّفَّتين قرآنٌ، لم يَختلفوا في شيءٍ منه، فهذا هو الحُجَّة فيه، ولا يُنكر أنْ يكون غيرُ خُزَيمة أيضًا حَفِظَ الآيتين، وثبت العِلْم به عند الصَّحابة، حتى حصَل الإجماع عليه، وإنما كان ما ذكَره زيد حكايةً عن نفسه، ومَبْلَغ عِلْمه في الحال المتقدِّمة، ولا بُدَّ مع ذلك أن يكون قد تَظاهرَ به الخبَر من قِبَل غيره، ومن جِهاتٍ شتَّى اشتَركوا كلُّهم في علمه، فصار ذلك شهادةً من الجَمِّ الغَفير به، فثبَت به حُكم الإجماع، وزالَ اعتبارُ ما قبلَه من رواية الآحاد، ولله الحمد.

* * *

<<  <  ج: ص:  >  >>